للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال عُمرُ بنُ أبي ربيعة (١):

إذا ما زَيْنَبٌ ذُكِرَتْ ... سكَبتُ الدمعَ مُتَّسِقا

كأنَّ سحابةً تَهْمِي ... بماءٍ حُمِّلَتْ غَدَقا

وقولُ رسولِ الله -صلى الله عليه وسلم- في هذا الحديثِ إنما خرَج على العُرْفِ والعادة، لا على أنه يَعلمُ نزولَ الماءِ بشيءٍ من الأشياء علمًا صحيحًا لا يُخلَفُ، بل قد صَحَّ أن المُدْرِكَ لعلم شيءٍ من ذلك مرَّةً قد يُخطئ فيه من الوجهِ الذي أصابَ مرةً أخرى، فليس بعلم صحيح يُقطَعُ عليه، ومعلومٌ أن النَّوءَ قد يَخْوي (٢) فلا يُنزِلُ شيئًا، وإنما هي تجاربُ تُخطئُ وتُصيبُ، وعلمُ الغيب على صحَّة هو لله عزَّ وجلَّ وحدَه لا شريكَ له، ونُزولُ الغيثِ من مفاتيح الغيبِ الخمسِ التي لا يعلَمُها إلا اللهُ عزَّ وجلَّ.

حدَّثنا خَلَفُ بنُ قاسم (٣)، قال: حدَّثنا عبدُ الله بنُ عُمرَ بنِ إسحاقَ الجوهريُّ، قال: حدَّثنا أحمدُ بنُ محمدِ بنِ الحجّاج، قال: حدَّثنا يحيى بنُ بُكير وسعيدُ بنُ عُفَير، قالا: حدَّثنا مالك، عن عبدِ الله بنِ دينار، عن ابنِ عُمر، أنه قال: مفاتيحُ الغيبِ خمسٌ لا يعلمُها إلا الله؛ لا يعلمُ ما في غدٍ إلا الله، ولا يعلمُ ما تَغيضُ الأرحامُ إلا الله، ولا يعلمُ متى يأتي المطرُ إلا الله، ولا تَدْري نفسٌ ماذا تكسِبُ غدًا وما تدري بأيِّ أرضٍ تموتُ، ولا يعلمُ متى تقومُ الساعةُ إلا الله. هكذا حدَّثني به موقوفًا عن ابنِ عُمرَ لم يتجاوَزْه.

وقد رُوِيَ هذا الحديثُ مرفوعًا عن مالك، عن عبدِ الله بنِ دينار، عن ابنِ عُمر، عن النبيِّ -صلى الله عليه وسلم-، أنه قال: "مفاتيحُ الغيب خمسٌ لا يعلمُها إلا الله". ثم تلا: {إِنَّ


(١) ديوانه، ص ٣٤٢، وشرح ديوانه، ص ٤٩٧.
وقوله: "تَهْمي" يعني: تسيل. ينظر: تهذيب اللغة للأزهري ٦/ ٢٤٦.
(٢) يقال: خَوَتِ النُّجوم تخْوي خيًّا: إذا أمحَلَتْ فلم تُمطر. ينظر: تهذيب اللغة للأزهري ٧/ ٢٥٠.
(٣) هو ابن سهل، ويقال: سهلون، أبو القاسم المعروف بابن الدباغ.

<<  <  ج: ص:  >  >>