للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"ثم تَشاءَمت". أي: أخَذت نحوَ الشام، والشامُ من المدينةِ في ناحيةِ الشِّمال. كأنه يقول: إذا مالَتِ السحابةُ الظاهرةُ من جهةِ الغربِ إلى جهةِ الشِّمال (١).

"فتلك عَيْنٌ غُدَيقَةٌ"؛ أي: ماءٌ معينٌ، والعَينُ: مطرُ أيام لا يُقلِعُ، وقيل: العَيْنُ ماءٌ عن يمينِ قِبْلةِ العراق. وقيل: كلُّ ماءٍ مرَّ من ناحيةِ القِبلة. يقول: فتلك سَحابةٌ يكونُ ماؤُها غَدَقًا. والغَدَقُ: الغزيرُ، وغُدَيقةٌ تصغيرُ غَدِقة، وسُمِّيَ الرجلُ الغَيْداق؛ لكثرةِ سَخائِه، ومن هذا قولُ الله عزَّ وجلَّ: {لَأَسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقًا} [الجن: ١٦]، أي: غزيرًا كثيرًا. قال كُثيِّر (٢):

وتَغْدِقُ أعدادٌ به ومشاربُ

يقول: يكثُرُ (٣) المطرُ عليه. وأعدادٌ جمعُ عِدٍّ؛ وهو الماءُ الغزيرُ، ومنه: الحديثُ في الماء العِدِّ (٤).


(١) كتب ناسخ الأصل في المتن: "الجَوْف"، وكذا هي في ي ٢، ثم استدرك فكتب: "الشمال".
(٢) ديوانه، ص ١٥٢، وهذا عجز بيت، وصدرُه:
لِتُرْوى به سُعْدى ويُروى محِلُّها
(٣) في الأصل: "بكثرة".
(٤) أخرجه أبو داود (٣٠٦٤)، والترمذي (٣٠٦٤)، والنسائي في الكبرى ٥/ ٣٢٧ (٥٧٣٦) من طرق عن محمد بن يحيى بن قيس المأربي، عن أبيه، عن ثمامة بن شراحيل، عن سُميّ بن قيس، عن شَمير بن عبد المدان اليمامي، عن أبيض بن حمّال؛ أنه وَفَد إلى النبيِّ -صلى الله عليه وسلم- فاسْتَقْطَعَهُ المِلْحَ، فقطَعَه له، فلمّا ولّى، قال رجلٌ: يا رسولَ الله، أتدري ما قطعْتَ له؟ إنما قطعْتَ له الماءَ العِدَّ، فرجَعَه عنه، قال: يعني بالماء الكثير. وإسناده ضعيفٌ، محمد بن قيس المأربي، ليِّن الحديثُ، وشمير بن عبد المدّان اليمامى مجهول كما في تحرير التقريب (٣٨٢٣) فقد تفرّد بالرواية عنه سُميّ بن قيس، وهو مجهولٌ أيضًا، ولم يذكره في الثقات سوى ابن حبّان، وقال الذهبي: "لا يُدرى مَن هو".
وهو عند ابن ماجه (٢٤٧٥)، والدارقطني ٥/ ٣٩٥ (٤٥٢٠) من طريق فرج بن سعيد بن علقمة بن سعيد بن أبيض بن حمّال، عن عمّه ثابت بن سعيد بن أبيض بن حمّال، عن أبيه سعيد، عن أبيه أبيض بن حمّال، به. وثابت بن سعيد وأبوه مجهولان كما هو مُفَصل في تحرير التقريب (٨١٥) و (٢٢٧١).

<<  <  ج: ص:  >  >>