للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ورواه أبو الزُّبير، عن مجاهد؛ قال: حدَّثناه سعيدُ بنُ نصر، قال: حدَّثنا قاسمُ بنُ أصبغَ، قال: حدَّثنا جعفرُ بنُ محمدٍ الصائغُ، قال: حدَّثنا محمدُ بنُ سابق، قال: حدَّثنا إبراهيمُ بنُ طَهْمان، عن أبي الزُّبير، عن مُجاهد، عن عبدِ الرحمن بنِ أبي ليلى، عن كَعْبِ بنِ عُجْرةَ الأنصاريِّ، أنه حدَّثه، أنه كان أهَلَّ في ذي القَعْدَة، وأنَّه قَمِل رأسُه، فأتى عليه النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - وهو يُوقِدُ تحتَ قِدْر له، فقال له: "كأنَّك تُؤْذِيك هَوامُّ رأسِك؟ ". قال: أجل. قال: "احْلِقْ، وأهْدِ هَدْيًا". فقال: ما أجِدُ هدْيًا. قال: "فأطعِمْ ستَّةَ مساكين". فقال: ما أجدُ. فقال: "صُمْ ثلاثةَ أيام" (١).

قال أبو عُمر: كأنَّ ظاهرَ هذا الحديثِ على الترتيب، وليس كذلك، ولو صحَّ هذا كان معْناه الاختيارَ أولًا فأولًا، وعامّةُ الآثارِ عن كَعْبِ بنِ عُجْرةَ ورَدَتْ بلفظِ التخيير، وهو نصُّ القرآن، وعليه مضى عملُ العلماءِ في كلِّ الأمصارِ وفتواهم، وبالله التوفيق.

واختلَف الفقهاءُ في الإطعام في فديةِ الأذى؛ فقال مالكٌ، والشافعيُّ، وأبو حنيفة، وأصحابُهم: الإطعامُ في ذلك مُدّانِ مُدّانِ بمُدِّ النبيّ - صلى الله عليه وسلم -. وهو قولُ أبي ثور، وداود. ورُوِي عن الثوريِّ أنّه قال في الفدية: من البُرِّ نصفُ صاع، ومن التمرِ والشعيرِ والزبيبِ صاع. ورُوِي عن أبي حنيفةَ أيضًا مثلُه، جعل نصفَ صاع بُرٍّ عدْلَ صاع تمر. وهذا على أصلِه في ذلك، وهذا (٢) قولٌ يردُّه حديثُ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - في كعبِ بنِ عُجْرةَ إذ قال: "ثلاثةُ آصُع من تمرٍ بينَ ستّةِ مساكينَ".


(١) أخرجه الطبراني في الكبير ١٩/ ١٠٨ (٢١٧)، وفي الأوسط (١٨١٢) من طريق محمد بن سابق، به. وأخرجه أبو الشيخ الأصبهاني في الجزء الذي فيه رواية أبي الزبير عن غير جابر (٩٧) من طريق إبراهيم بن طهمان، به، وإسناده صحيح ورجاله ثقات، وسيتكلم المؤلف على متنه، إذ جاء على الترتيب، وهو مخالف لرواية الثقات على التخيير.
(٢) من هنا إلى قوله: "مساكين" سقط من الأصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>