وفيه جاءت الأخبار من غزة بأن قد ظهر بساحل البحر الملح سمكة عظيمة الخلقة، قيل إن طولها سبع وعشرون ذراعا، وعرضها عشرة أذرع، فأرسل السلطان يقول لنائب غزة: إن كان ممكن إحضارها إلى القاهرة فيحضرها، فتعذر ذلك عليه. ثم أرسل نائب غزة فيما بعد عظمتين من أضلاعها حتى شاهدها السلطان، وقد وضعهما عند باب القلعة تجاه السبيل الذي هناك، وهما باقيتان إلى الآن، وهما عظمتان من أضلاعها على ما قيل.
وفيه تزايدت عظمة الأمير طومان باي الدوادار، واجتمعت فيه الكلمة، ومما عد من محاسنه أنه حجر على النقباء والرسل الذين على بابه، ورسم لهم بألا يأخذوا من الغرماء الذين يطلبون من بابه أكثر من نصفين فضة، ومن يأخذ أكثر من ذلك لا يقف له على باب، وضيق عليهم أياما بسبب ذلك … وبالجملة فعنده لين جانب، وقلة أذى، بخلاف من تقدمه من الدوادارية.
وفي يوم السبت عشرينه، دخل الحاج إلى القاهرة مع السلامة، فطلع الأمير طراباي أمير ركب المحمل، وقانصوه أبو سنة أمير ركب الأول، فخلع عليهما السلطان ونزلا في موكب حافل. ثم شاعت الأخبار بأن السلطان رد خوند أصل باي أم الملك الناصر من الينبع، ورسم لها بأن تقيم بمكة، وقد تغير خاطره عليها، فرجعت من الينبع إلى مكة واستمرت هناك حتى كان من أمرها ما سنذكره في موضعه.
وفيه قبض السلطان على عبد العظيم الصيرفي ثانيا، بعد ما أفرج عنه، فتسلمه الزيني بركات بن موسى، فعاقبه وقرر عليه مالا له صورة.
وفي يوم الأربعاء، خامس عشرينه، توفي نور الدين علي المسلاتي المغربي، وقد قاسى شدائد ومحنا، وكان توجه صحبة العسكر الذي خرج إلى التجريدة، نحو بلاد الهند، ورجع من ناظر الخاص وهو في الحديد، وجرى عليه ما لا خير فيه.
وفي تاسع عشرينه، جاءت الأخبار بوفاة جان بلاط نائب غزة، وكان من نواب طقطباي نائب القلعة، فأقام في نيابة غزة مدة يسيرة ومات.
وفي سلخه وقعت زلزلة خفيفة بعد العشاء، وأقامت نحوا من ربع درجة والأرض تضطرب.
*****
وفي صفر كانت ليلة سيدي إسماعيل الأنبابي، ونصبت الخيام في الجزيرة التي تجاه بولاق، وخرجت الناس في تلك الليلة عن الحد في القصف والفرجة، وكانت ليلة حافلة.