وكان الجمالي يوسف ناظر الخاص مدير مملكته، كما كان القاضي عبد الباسط في دولة الأشرف برسباي.
وكان ينقاد إلى الشريعة، ويحب العلماء، قليل العزل للقضاة وأرباب الوظائف.
وكان معظم مساويه مماليكه الجلبان. وبالجملة كان الأشرف اينال من خيار ملوك الجراكسة.
- الملك المؤيّد أبو الفتح العلائي الناصري
هو الملك المؤيد أبو الفتح شهاب الدين أحمد، ابن الملك الأشرف اينال العلائي الناصري. وهو السابع والثلاثون من ملوك الترك وأولادهم بالديار المصرية، وهو الثالث عشر من ملوك الجراكسة وأولادهم في العدد.
بويع بالسلطنة في حياة والده. وكانت سفة مبايعته بالسلطنة أن أباه لما أشرف على الموت طلع الأمير برد بك - صهر السلطان - واجتمع بخوند زوجة السلطان، وذكر لها أن الأحوال فاسدة، والأمور في اضطراب. ومن الرأي أن السلطان يعهد إلى ولده بالسلطنة. فدخلت خوند على السلطان وذكرت له ذلك، فأمر بإحضار الخليفة والقضاة الأربعة، فحضر الخليفة الجمالي يوسف والقضاة الأربعة وهم: علم الدين صالح البلقيني الشافعي، وسعد الدين الديري الحنفي، وحسام الدين بن حريز المالكي، وعز الدين الحنبلي، وحضر أرباب الدولة من أرباب الحل والعقد. فلما تكامل المجلس دخل بعض الشهود على السلطان، وشهدوا عليه بخلع نفسه من السلطنة وتولية ولده.
ثم أن الخليفة بايع الأتابكي أحمد بن اينال بالسلطنة عوضا عن أبيه وتلقب بالملك المؤيد. فلما تمت له البيعة أحضر له شعار الملك، وهو العمامة السوداء والجبة والسيف البداوي، وأفيض عليه الشعار، وقدمت إليه فرس النوبة، وركب من باب الدهيشة، وحمل الأمير خشقدم أمير سلاح على رأسه القبة والطير، وقد ترشح أمره لأن يلي الأتابكية.
فلما ركب من الدهيشة مشت قدامه الأمراء قاطبة - والخليفة عن يمينه - حتى دخل القصر الكبير، ونزل عن فرسه، وجلس على سرير الملك، وباس له الأمراء الأرض من كبير وصغير، ودقت له البشائر بالقلعة.
ثم نزل الوالي ونادى في القاهرة بالأمان والاطمئنان والدعاء للملك المؤيد، فارتفعت الأصوات بالدعاء.
وكان محببا للناس، قليل الأذى، ثم خلع على الخليفة والأمير خشقدم، ونزلا إلى دورهما.