للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

- الملك الصالح صلاح الدين

هو الملك الصالح صلاح الدين صالح، ابن الملك الناصر محمد، ابن الملك المنصور قلاون، وهو تمام العشرين من ملوك الترك وأولادهم بالديار المصرية، وهو الثامن من أولاد الملك الناصر محمد بن قلاون، بويع بالسلطنة بعد أخيه الملك الناصر حسن في يوم الاثنين ثامن عشر جمادي الآخرة سنة اثنتين وخمسين وسبعمائة.

وكان مولده بقلعة الجبل في شهر ربيع الأول سنة ثمان وثلاثين وسبعمائة، وأمه خوند قطلو ملك بنت الأمير تنكز نائب الشام. وكان سبب سلطنته أن الملك الناصر لما خلع من السلطنة تعصب الأمير طاز وسلطن الملك الصالح، فجلس على سرير الملك، وتلقب بالملك الصالح، ونودى باسمه في القاهرة، وضج له الناس بالدعاء.

فلما تم أمر سلطنة الملك الصالح صار الأمير طاز صاحب الحل والعقد، واجتمعت فيه الكلمة، وصار الملك الصالح معه مثل اللولب يديره كيف شاء، وليس له في السلطنة غير مجرد الاسم فقط … فوقع بين الأمراء الخلف، وأضمروا السوء للأمير طاز، ودبت بينه وبينهم عقارب الفتن، فوثب عليه جماعة من الأمراء، ولبسوا آلة الحرب، وتوجهوا إلى القصر. فلما بلغ الأمير طاز ذلك أركب السلطان ونزل به من القلعة في جماعة من الأمراء ومن المماليك السلطانية، ودقت الكئوسات حربيا، وزعق النفير، ومشى السلطان تحت الصنجق، ونودى في القاهرة: "من وجد مملوكا من مماليك الأمير منكلي بغا الفخري والأمير مغلطاي، فيقتله حيث وجد في أي مكان كان". .. فقتل في ذلك اليوم جماعة كثيرة من المماليك، وأخذوا خيولهم وقماشهم وسلاحهم.

ثم زحف السلطان والأمير طاز بمن معهما من الأمراء والعسكر، وتوجهوا إلى قبة النصر، فوقع بينهم القتال عند خليج الزعفران وقرب المطرية، فكان بين الأمراء واقعة عظيمة قتل فيها جماعة كثيرة من المماليك.

ثم أن الأمير منكلي بغا الفخري والأمير مغلطاي انكسرا وهربا في بعض بساتين المطرية، فقبضوا عليهما في أواخر النهار، فرسم السلطان بسجنهما في خزانة شمايل، ثم أرسلهما إلى السجن بثغر الاسكندرية، ورسم بالافراج عن الأمير شيخو العمري والأمير منجك اليوسفي - وكانا بالسجن بثغر الاسكندرية - فأفرج عنهما وحضرا إلى الأبواب الشريفة وطلعا إلى القلعة، فأنعم السلطان على الأمير شيخو في ذلك اليوم بتقدمة ألف، وكذلك الأمير منجك اليوسفي.

<<  <  ج: ص:  >  >>