للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأحرقوا ذلك الفندق، فاحترق فيه من المسلمين نحو ألفي إنسان ما بين رجال ونساء وصغار، وذلك في يوم العيد، فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.

[سنة ست وثلاثين وسبعمائة (١٣٣٦ م)]

فيها رسم السلطان للمقر السيفي تنكز نائب الشام بعمارة قلعة جعبرة، فتوجه إليها تنكز وعمرها في أسرع مدة، ورتب بها الرجال الحرسية، وجعل لها نائبا مقيما بها، وأودع فيها السلاح، وكتب بذلك محضرا وأرسله إلى السلطان.

وفي هذه السنة توجه الأمير أزدمر الشمسي - نائب بهنسا - إلى قلعة درنده وحاصر أهلها، فطلبوا منه الأمان فأمنهم، فسلموه القلعة فأقام بها نائبا من قبل السلطان، ثم توجه إلى قلعة النقير فحاصرها، ففعل أهلها مثل ما فعل أهل قلعة درندة، وأقام بها نائبا من قبل السلطان.

وفي هذه السنة وقع الغلاء بالديار المصرية، فبيع القمح كل أردب بسبعين درهما، وعدم الخبز من الأسواق، وماجت الناس على بعضها، فرسم السلطان بفتح شونه ففتحوها وباعوا منها فانحط السعر إلى أن صار الأردب بثلاثين درهما. ولما أن دخل شهر رمضان كثر فيه القمح حتى ما بقي أحد يشتريه ولا يقلبه، وسكن وهج الناس.

ومن الحوادث في هذه السنة أن السلطان الملك الناصر تغير خاطره على الخليفة المستكفي بالله أبي الربيع سليمان، ورسم له بأن يتحول من مناظر الكبش ويسكن بقلعة الجبل، فتحول من يومه وطلع إلى القلعة هو وعياله، فأنزله السلطان في البرج الكبير الذي أنزل فيه الظاهر بيبرس البندقداري الخليفة الإمام أحمد الحاكم بأمر الله عند قدومه من بغداد، فاستمر الخليفة المستكفي بالله ساكنا في البرج، ومنعه السلطان من الاجتماع بالناس ومن النزول إلى المدينة، فأقام على ذلك نحو خمسة أشهر، ثم أن بعض الأمراء تشفع فيه فرسم له السلطان بإعادته إلى مناظر الكبش كما كان أولا.

وفيها أرسل السلطان تجريدة إلى سيس بسبب فساد الأرمن.

وفيها حضرت إلى الأبواب الشريفة الحرة زوجة ملك الغرب طالبة الحج، فأهدت إلى السلطان هدية جليلة، ومن جملتها أعجوبة وهو ثور أصفر فاقع اللون كامل الخلقة، وفي وسط ظهره من الجانب الأيمن كتف طالع من رءوس أضلاعه، وهو بمرفق وذراع وحافر مفروق مثل حوافر البقر، فكان يطوف بالقاهرة ويجبي عليه - كما يفعل بالسباع - وهو بحبل من حرير أصفر.

<<  <  ج: ص:  >  >>