للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا آخر ما انتهى إلينا من أخبار دولة الملك الأشرف أبي النصر قانصوه الغوري رحمة الله عليه. وقد افتتح أوائل دولته بمصادرات وظلم، وأخذ أموال بغير حق، واختتمت أواخر دولته بفتن وضرب سيف وذهاب أموال وأرواح، وأمور مهولة وحوادث غريبة، وفتن عظيمة ليس لها آخر. والأمر إلى الله تعالى من قبل ومن بعد، يفعل ما يشاء ولا يسأل عما يفعل.

واستمر سليم شاه بن عثمان مستوليا على البلاد الشامية والحلبية وملك قلاعها وأعمالها، وحكم من الفرات إلى الشام ثلاثة شهور، وملك ثلاث عشرة قلعة بالأمان من غير حرب ولا قتال، وملك قبل ذلك عدة قلاع من أعمال شاه إسماعيل الصفوي. والذي وقع لسليم شاه ابن عثمان من السعد والنصرة على الصفوي وسلطان مصر، وأخذ أموالهم وبركهم وخيولهم واحتوائه على بلادهم، وخزائن أموال الأمراء وأموال السلطان الغوري وناهيك بها - ما وقع قط لأحد من ملوك الروم قبله ولا بعده، وهذا الأمر من الله تعالى، وقد وعده بذلك من القدم، إن وعد الله حق وهو لا يخلف الميعاد.

- الأشرف أبو النصر طومان باي

وهو السابع والأربعون من ملوك الترك وأولادهم بالديار المصرية، وهو الحادي والعشرون من ملوك الجراكسة وأولادهم في العدد. وكان أصله من كتابية الأشرف قايباي، اشتراه الملك الأشرف قانصوه الغوري، وكان يعود له بقرابة. فلما اشتراه قدمه إلى الأشرف قايتباي، ولهذا يدعى طومان باي بن قانصوه. فصار من جملة مماليكه الكتابية، واستمر على ذلك حتى تسلطن الملك الناصر محمد ابن قايتباي، فأخرج له جيلا وقماشا وغلمانا وصار من مستخرجات الناصر ومعاتيقه. وبقي جمدارا ثم بقي خاصكيا، واستمر على ذلك حتى تسلطن قريبه قانصوه الغوري، فأنعم عليه بامرية عشرة، واستمر على ذلك إلى سنة عشر وتسعمائة … فلما توفي ابن السلطان المقر الناصري في الفصل الذي جاء بها أنعم عليه السلطان بامرية طبلخاناه وجعله شاد الشرابخاناه عوضا عن ولده بحكم وفاته، واستمر على ذلك إلى سنة ثلاث عشرة وتسعمائة.

فلما توفي الأمير أزدمر بن علي باي الدوادار الكبير في جمادى الأولى وهو مسافر بجبل نابلس، خلع عليه السلطان وقرره في الدوادارية الكبرى عوضا عن الأمير أزدمر بحكم وفاته، فاستمر في الدوادارية الكبرى إلى أن خرج السلطان إلى التجريدة بسبب ابن عثمان … فجعله نائب الغيبة عوضا عن نفسه إلى أن يحضر من السفر، فساس الناس في غيبة السلطان أحسن سياسة، وكانت الناس عنه راضية، وأطاعة العسكر الذين تحلفوا

<<  <  ج: ص:  >  >>