للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن صفاء باطنه أنه قرب الأمير لاجين وشفع فيه من القتل عند الملك الناصر محمد بن قلاون.

وكان لاجين ممن تعصب على قتل الأشرف خليل. ولما أن تسلطن كتبغا استقر بالأمير لاجين نائب السلطنة، وفوض إليه أمور السلطنة جميعها وكان لاجين في قلبه الغدر لكتبغا حتى وثب عليه وخلعه من السلطنة وجرى عليه ما جرى. وكان لاجين يظهر المحبة لكتبغا وهو في الباطن بخلاف ذلك كما قيل في المعنى:

والخل كالماء: بيدي لي ضمائره … مع الصفاء، ويخفيها مع الكدر

- الملك المنصور

هو الملك المنصور حسام الدين لاجين، ابن عبد الله المنصوري، وهو الحادي عشر من ملوك الترك وأولادهم بالديار المصرية. بويع بالسلطنة بعد خلع الملك العادل كتبغا، وذلك في نصف شهر صفر سنة ست وتسعين وستمائة، وتلقب بالملك المنصور، ونودي باسمه في القاهرة، وضج الناس له بالدعاء، ودقت له الكئوسات.

وكان أصله من مماليك الملك المنصور قلاون. فلما تم أمره في السلطنة خلع على خشداشينه، وهم الأمير قرا سنقر المنصوري، واستقر به نائب السلطنة عوضا عن نفسه، وأنعم على مملوكه منكوتمر بتقدمة ألف، ثم خلع على الأمير سنقر الأعسر واستقر به وزيرا.

ثم أخذ في أسباب عمارة جامع أحمد بن طولون وكان خرابا بغير سقف مدة مائة وسبعين سنة … وكان لاجين، لما قتل ببدرا وجرى ما تقدم ذكره، اختفى في جامع أحمد بن طولون في المئذنة مدة طويلة حتى شفع فيه العادل كتبغا عند الملك الناصر محمد بن قلاون، فلما ظهر ورضي عليه الناصر محمد نذر في نفسه ان صار سلطانا ليعمرن جامع أحمد بن طولون كما كان. فلما صار سلطانا عمره ورتب في سطح الجامع دكة بسبب الميقاتية لتحرير الوقت، ووقف على ذلك أوقافا كثيرة إلى الآن تصرف للميقاتية، وأحيا رسوم هذا الجامع بعد ما كانت قد درست.

ومن محاسن الملك المنصور لاجين أنه أرسل خلف أولاد الملك الظاهر بيبرس البندقداري الذين كانوا بالقسطنطينية من حين نفاهم الملك الأشرف خليل بن قلاون، فأحضرهم إلى مصر. فأما سلامش ابن الملك الظاهر فانه أدركته المنية في القسطنطينية،

<<  <  ج: ص:  >  >>