والحلوى والعجمية في كل شهر، وغير ذلك من الجوامك والمرتبات للصوفية، وجعل في الخانقاه تدريسا وقراءة سبع في كل يوم. قال في معنى ذلك ابن أبي حجلة:
ومدرسة للعلم فيها مواطن … فشيخو بها فرد وابثاره جمع
لئن بات فيها للقلوب مهابة … فوافقها ليث وأشياخها سبع
[سنة سبع وخمسين وسبعمائة (١٣٥٦ م)]
فيها من الحوادث أن ربعا وقع عند جامع قوصون على ثلاثين نفسا من نساء ورجال، فمات منهم ثلاثة وعشرون إنسانا، وسلم منهم سبعة، فقيل إن السبعة الذي سلموا من الردم سافروا في ذلك الشهر إلى نحو بلاد الصعيد في مركب، فهبت عليهم ريح شديدة فغرقت بهم المركب ولم يسلم منهم أحد … فمن لم يمت بالسيف مات بغيره.
وفي هذه السنة ابتدأ السلطان الملك الناصر حسن بعمارة مدرسته التي في سوق الخيل تجاه القلعة، وكان مكانها قصر بيبغا اليحياوي نائب الشام، فهدمه وبنى مكانه هذه المدرسة التي لم يعمر مثلها في الإسلام. وقيل إن ايوانها بنى على قدر ايوان كسرى أنو شروان في الطول والعرض، وهذه المدرسة تشتمل على أربع مدارس، لكل شيخ مذهب مدرسة تختص به. وقيل إن بعض الناس كان مسافرا في البحر المالح في شهر رمضان فرأى قنديل هلال مئذنة هذه المدرسة من البحر المالح. وقيل إن أخشاب أساقيل العمارة قومت بمائة ألف دينار … وبالجملة أن بناء مدرسة السلطان حسن دل على أفعاله، وعلى علو قدر همته بين الملوك المصرية، وقد قال فيه ابن أبي حجلة:
لسنا، وان كرمت أوائلنا، … يوما، على الأنساب تتكل
نبني كما كانت أوائلنا … تبنى، وتفعل فوق ما فعلوا
ولما كملت عمارة هذه المدرسة كان لها يوم مشهود، واجتمع بها في يوم الجمعة القضاة الأربعة وسائر الأمراء وأعيان الناس، وملئت الفسقية التي بصحن المدرسة سكرا بماء الليمون، ووقف رءوس النواب يفرقون السكر على الناس بالطاسات، ونزل السلطان