للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الدّولة الأيّوبيّة

- الملك الناصر

كان أولهم الملك الناصر، أبا المظفر يوسف، ابن أيوب، بن شادى، بن مروان الكردي، وكان أصلهم من أذربيجان من بلاد الكرج، ولكن أصلهم أكراد.

وكان مولد صلاح الدين يوسف بقلعة تكريت في سنة اثنتين وثلاثين وخمسمائة. وكان أبوه أيوب في خدمة زنكى أبي نور الدين الشهيد، فلما توفي زنكى صار أيوب وأولاده في خدمة نور الدين الشهيد، ثم ارتقى نور الدين حتى بقي صاحب البلاد الشامية.

فلما تلاشى أمر الخليفة العاضد، واستولت الفرنج على الديار المصرية، أرسل يطلب من نور الدين الشهيد نجدة بسبب الفرنج، فارسل إليه أسد الدين شيركوه أخا أيوب عم صلاح الدين يوسف. فلما توفي أسد الدين تولى من بعده في الوزارة أيام العاضد صلاح الدين يوسف. فلما توفي العاضد تولى من بعده على مصر صلاح الدين يوسف نيابة عن نور الدين الشهيد بتقليد منه.

وكان سبب موت العاضد أن نور الدين الشهيد لما أرسل إلى صلاح الدين يقول له:

"اقطع الخطبة عن اسم العاضد بالله". .. أرسل صلاح الدين يقول لنور الدين الشهيد: "إن أهل مصر لا يطاوعوني على ذلك، وأخشى أن يثبوا علي بسبب ذلك". فأرسل نور الدين الشهيد يقول لصلاح الدين ثانيا: "لا بد من ذلك".

فلما رأى صلاح الدين أن نور الدين الشهيد مصمم على ذلك، جمع أعيان أهل مصر وذكر لهم ما قاله نور الدين الشهيد، فقالوا له: "وكيف يكون ذلك؟ ". فقال شخص من أبناء العجم يسمى الأمين، وكان من أهل العلم: "أنا أفتح لكم باب هذا الأمر".

فلما كان يوم الجمعة ثاني المحرم سنة سبع وستين وخمسمائة، صعد ذلك الشخص الأعجمي إلى المنبر قبل صلاة الجمعة، ودعا إلى الخليفة المستضيء بالله العباسي خليفة بغداد. فلما صعد المنبر ودعا إلى المستضيء لم يتكلم أحد من الناس ولا أنكروا. فلما كان ثاني جمعة أمر صلاح الدين الخطباء بمصر والقاهرة أن يقطعوا اسم الخليفة العاضد من الخطبة، وأن يدعوا باسم الخليفة المستضيء بالله العباسي، ففعلوا ذلك.

<<  <  ج: ص:  >  >>