للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[سنة أربع وتسعين وستمائة (١٢٩٤ م)]

في يوم عاشر المحرم ثار جماعة مماليك الأشرف خليل تحت الليل، وفتحوا باب سعادة وهجموا على اصطبلات الناس. فلما طلع النهار أرسل الأمير كتبغا فقبض على من فعل ذلك من المماليك وقطع أيديهم، وصلب على باب زويلة منهم جماعة ووسط منهم جماعة، وكانوا نحو ثلثمائة مملوك.

فلما جرى ذلك اجتمع الأمراء وضربوا مشورة وقالوا قد فسدت الأحوال لكون السلطان صغير السن، وطمع المماليك في حق الرعية، ومن الرأي أن نولي سلطانا كبيرا بقمع المماليك عن هذه الأفعال. فعند ذلك وقع الاتفاق من الأمراء على خلع الملك الناصر محمد، وان يولوا كتبغا، فخلعوا الملك الناصر من السلطنة وولوا كتبغا، فكانت مدة سلطنة الملك الناصر محمد بن قلاون في هذه المرة أحد عشر شهرا وأياما.

- الملك العادل كتبغا

هو الملك العادل كتبغا، بن عبد المنصوري، وهو العاشر من ملوك الترك وأولادهم بالديار المصرية، تسلطن بعد خلع الملك الناصر محمد ابن قلاون في حادي عشر المحرم سنة أربع وتسعين وستمائة، وتلقب بالملك العادل، ونودى باسمه في القاهرة، وضج الناس له بالدعاء.

وكان أصله من سبايا التتار، أخذه الملك المنصور قلاون في وقعة حمص الأولى، وذلك في سنة تسع وخمسين وستمائة، فصار من جملة مماليك السلطان قبل أن يلي السلطنة، فلما تسلطن جعله أمير عشرة، ثم بقي مقدم ألف. فلما قتل الأشرف خليل وتولى أخوه محمد جعله نائب السلطنة ثم بقي سلطانا. فلما تم أمر كتبغا في السلطنة استقر بالأمير لاجين نائب السلطنة عوضا عن نفسه. وكان الأمير لاجين ممن تواطأ على قتلة الملك الأشرف. فلما تولى أخوه محمد هرب الأمير لاجين - وكان من عصبة بيدرا - فاختفى لاجين مدة طويلة نحو سنة، فكان مقيما في خزانة أحمد بن طولون. ثم أن الأمير كتبغا شفع فيه عند الملك الناصر محمد بن قلاون، فقابله به، فرضي عليه السلطان، وأنعم عليه بتقدمة الف. فلما تسلطن كتبغا جعله نائب السلطنة، وفوض إليه أمور المملكة جميعها، وجعل الأمير بهادر حاجب الحجاب.

ثم أن الأمير كتبغا لما ثبت أمره في السلطنة صار يقرب خشداشينه وينعم عليهم بتقادم ألوف وبالإقطاعات السنية، وقويت شوكته وراج أمره في السلطنة وصار له عصبة.

<<  <  ج: ص:  >  >>