صفته أبيض اللون، طويل القامة، مستدير الوجه، أسود اللحية، جميل الهيئة حسن الشكل، تولى الملك وله من العمر نحو من أربعين سنة. وكان من خواص الأشرف قايتباي، وساعدته الأقدار حتى تسلطن، وأقام هذه المدة اليسيرة، وآل أمره إلى أن خنق وهو مسجون بالبرج، كما سيأتي الكلام على ذلك في موضعه.
- الملك العادل
هو الملك العادل طومان باي ابن قانصوه، أبو النصر الأشرفي قايتباي، وهو الخامس والأربعون من ملوك الترك وأولادهم في العدد، وهو التاسع عشر من ملوك الجراكسة وأولادهم بالديار المصرية، وكان أصله جركسي الجنس، اشتراه قانصوه اليحياوي نائب الشام، وقدمه مع جملة المماليك إلى الأشرف قايتباي، فأقام بالطبقة مدة طويلة، ثم أعتقه وأخرج له خيلا وقماشا، وصار من جملة المماليك السلطانية جمدارا، ثم بقي خاصكيا خازندار كيس في سنة ثمان وتسعين وثمانمائة، ثم بقي أمير عشرة في دولة الناصر محمد بن قايتباي، ثم قرره في نيابة الإسكندرية في سنة اثنتين وتسعمائة، وتوجه إليها وأقام بها مدة يسيرة، ثم عاد إلى مصر، ثم بقي مقدم ألف دوادارا كبيرا في دولة الظاهر قانصوه، ثم بقي أمير سلاح، ودوادار كبيرا، واستادار، ووزيرا، وكاشف الكشاف، ومدبر المملكة في دولة الأشرف جان بلاط.
ثم سافر لما عصى قصروه نائب الشام فتسلطن هناك، وعاد سلطانا كما تقدم، فلما دخل إلى القاهرة وصحبته قصروه وبقية النواب، قام قصروه بنصرته قياما حافلا، وصار ينفق على حفر الخنادق، ويشيل التراب بالنفقة على رأسه وكتفه، هو ومماليكه مع الفعلاء، ونصب المكاحل على مدرسة السلطان حسن، ووقف الرماة بالبندق الرصاص، واستمر يحاصر القلعة سبعة أيام.
فلما كان يوم السبت عشر هذا الشهر انكسر الأشرف جان بلاط، فحطم العادل وملك باب السلسلة من غير مانع. فلما استقر بباب السلسلة قبض على قاضي القضاة الشافعي محيي الدين عبد القادر بن النقيب، ووكل به جماعة من الأوجاقية، وقرر عليه مالا له صورة، فنزلوا به وهو ماش على أقدامه، وحوله أوجاقية ورسل قابضون عليه من أكمامه، فشقوا به من الصليبة، وهو على هذه الهيئة، فسبه العوام وكادوا أن يرجموه، حتى حماه بعض الأتراك. واستمر على ذلك حتى أتوا به إلى بيت علي بن أبي الجود البزدار - وكان ساكنا في ربع الأشرف برسباي الذي بالصليبة - فأقام هناك في الترسيم حتى يورد المال الذي قرر عليه، وكان قد بلغ العادل ما رتبه من الأقسام المغلظة التي