فيها جاءت الأخبار بأن التتار قد تحركوا على البلاد ووصلوا إلى الفرات، وملكوا البيرة، فخرج إليهم السلطان ومعه سائر الأمراء، وكان جاليش العسكر الأمير قلاون الألفي والأمير بيسري … فتلاقوا مع التتار على الفرات، فكان بينهم وقعة عظيمة، فقتل منهم ما لا يحصى عدده، وأسر منهم جماعة كثيرة. فلما دخل السلطان إلى البيرة خلع على نائبها وأقره على حاله، وفرق جملة من المال على من بها من الرعية لأنهم قاتلوا التتار قتال الموت حتى كسروهم كسرة قوية، فأقام السلطان في البيرة أياما ثم رجع إلى الشام، فأقام بها شهرا ثم توجه إلى الديار المصرية فدخلها في موكب عظيم، وزينت له وحملت القبة والطير على رأسه.
[سنة احدى وسبعين وستمائة (١٢٧٢ م)]
فيها هجم الوباء على الديار المصرية، ومات في تلك السنة ما لا يحصى من الخلائق من نساء ورجال وأطفال وعبيد وجوار، وأقام نحو ستة أشهر.
[سنة اثنين وسبعين وستمائة (١٢٧٣ م)]
فيها كان النيل شحيحا، ووقع الغلاء وقلت الغلال في سائر أعمال الديار المصرية.
وفي هذه السنة توفي الشيخ عبد العظيم ابن الجزار الشاعر، وكان من فحول الشعراء وله شعر جيد، وكان مولده في سنة احدى وستمائة، ووفاته في سنة اثنتين وسبعين وستمائة، فكانت مدة حياته احدى وسبعين سنة. وعاصر الشيخ اثير الدين أبا حيان المغربي، والشيخ قطب الدين القسطلاني، وغيرهما من العلماء.