هو الملك المظفر أبو السعادات أحمد، ابن الملك المؤيد شيخ المحمودي الظاهري، وهو التاسع والعشرون من ملوك الترك وأولادهم بالديار المصرية، وهو الخامس من ملوك الجراكسة وأولادهم في العدد.
تسلطن بعد موت أبيه الملك المؤيد شيخ في يوم الاثنين تاسع المحرم سنة أربع وعشرين وثمانمائة تسلطن وله من العمر سنة وثمانية أشهر وسبعة أيام، فكان مرضعا.
وكانت ولايته تقرب من ولاية سابور ذي الأكتاف الذي تولى الملك وهو في بطن أمه، فوضعوا على بطنها تاج الملك وسابور حمل. فكانت ولاية الملك المظفر أحمد تقرب من ذلك، وكانت أمه خوند سعادات بنت الأمير صرغتمش الناصري.
فلما تسلطن كان الأتابكي الطنبغا القرشي غائبا في التجريدة هو وجماعة من الأرماء نحو البلاد الشامية بسبب عصيان النواب، وكان بمصر من الأمراء المقر السيفي ططر أمير مجلس.
فلما توفى الملك المؤيد شيخ تعصب مماليكه وقالوا:"ما نسلطن إلا ابن استاذنا". وكان المماليك المؤيدية نحو خمسة آلاف مملوك. فلما حضر الخليفة والقضاة الأربعة وقصدوا المبايعة لأحمد ابن الملك المؤيد عارض الخليفة في ذلك وقال:"هذا صغير وتضيع أحوال المسلمين بين الأمراء". .. فقال المماليك:"الأمير ططر يكون مدبر المملكة إلى أن يحضر الأتابكي الطنبغا". .. فما وسع الخليفة إلا أنه بايعه على كره منه، فسلطنوه ولقبوه بالملك المظفر، ونودى باسمه في القاهرة، ثم أجلسوه على سرير الملك وهو في حجر المرضعة.
وكانت العادة إذا تسلطن سلطان وجلس على سرير الملك في القصر الكبير تدق الكئوسات داخل القصر. فلما أجلسوا الملك المظفر أحمد على سرير المملكة وهو في حجر المرضعة دقت الكئوسات في القصر، فاضطرب الملك المظفر اضطرابا شديدا وأغمى عليه، فحصل له في الحال حول في عينيه من الرجفة، واستمر في كل وقت يضطرب إلى أن مات.
فلما تم أمره في السلطنة ثار المماليك المؤيدية على الأمير ططر بسبب الأمريات والوظائف، وصار ططر معهم في غاية الضنك، فما وسعه إلا أن يرضيهم بكل ما يسكن، فخلع على الأمير علي باي المؤيدي واستقر به دوادارا كبيرا وكان أمير عشرة، وخلع على الأمير تغرى بردى بن قصروه واستقر به أمير آخور وكان أمير عشرة، ثم جعل