للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي هذه السنة قتل ملك الأمراء من الناس ما لا يحصى بتوسيط وشنق وخوزقة وأكثرهم راح ظلما، والأمر لله تعالى.

[سنة ثمان وعشرين وتسعمائة (١٥٢٢ م)]

فيها في المحرم، وكان مستهله يوم الأحد المبارك، طلع القضاة الأربعة وهنؤوا ملك الأمراء بالعام الجديد ثم عادوا إلى منازلهم.

وفي هذا الشهر تزايد ظلم الجمالي يوسف بن أبي الفرج وفتك في الناس فتكا ذريعا، وكثر على بابه الرسل والبزددارية، وصار يطلب أعيان الناس من كبير وصغير، فيحضرون ومعهم مكاتيبهم، ويأخذها من أيدي أصحابنا غصبا، ويشهد عليهم أن لا حق لهم فيها ولا استحقاق، ويطلع بها إلى ملك الأمراء، واستمر على ذلك يتزايد ظلمه الشنيع كل يوم حتى ضج منه الناس والأمر لله تعالى.

وفيه توفى الشهابي أحمد بن القماري، وكان من مشاهير أولاد الناس، وكان أمير جكار، وقد ترحل حاله في أواخر عمره ومات فقيرا.

وفي يوم الخميس خامسه حضر جماعة من اسطنبول ممن كان السلطان سليم شاه أسرهم وأرسلهم إلى اسطنبول، فحضر بهاء الدين بن البارزي، وجلال الدين ابن الخواجا بدر الدين حسين الشبراوي، وحضر الخواجا يحيى بن عبد الدائم اللبدي المغربي من تجار جامع طولون، وحضر آخرون ممن كان باسطنبول.

وفي يوم السبت سابعه، نزل ملك الأمراء من القلعة وتوجه إلى تربة العادلي التي بالريدانية، وجلس هناك على المصطبة القديمة، وكان القاصد الذي حضر بالأمس صحبته، فمد له هناك مدة حافلة، وأحضر صقورا وكلابا سلوقية، ورمى قدام القاصد رماية هناك، وانشرح في ذلك اليوم إلى الغاية.

فبينما هو على ذلك، وإذا بجماعة من الأعيان حضروا بين يديه، منهم الشيخ شمس الدين محمد اللقاني المالكي، والشيخ شمس الدين محمد المعروف بالديروطي الشافعي، والشيخ شهاب الدين أحمد بن الجلبي وآخرون من العلماء، فلما اجتمعوا قالوا: "يا ملك الأمراء قد أبطلتم سنة رسول الله ، وصرم تأخذون على زواج البنت البكر ستين نصفا، وعلى زواج المرأة ثلاثين نصفا، ويتبع ذلك أجرة الشهود، ومقدمي الوالي، وغير ذلك، وهذا يخالف الشرع الشريف، وقد عقد رسول الله على خاتم فضة، وعلى ستة أنصاف فضة، وعقد على آية من كتاب الله، وقد ضعف الإسلام في هذه الأيام، وتجاهر الناس بالمعاصي والمنكرات، وتزايد الأمر في ذلك". ثم

<<  <  ج: ص:  >  >>