فيها عمر السلطان القصر الكبير الذي في الميدان عند البركة الناصرية، وعمل تحته بستانا عظيما، وكان ينزل هناك ويقيم معه الحريم، ويوكب من هناك المواكب الجليلة، ويطلع إلى القلعة والأمراء بين يديه بالشاش والقماش والعسكر مشاة بين يديه حتى يطلع إلى القلعة.
وفي هذه السنة رسم السلطان بهدم الايوان الأشرفي الذي كان بالقلعة، فهدمه وبناه على هذه الصفة الموجودة الآن، وعقد فوقه هذه القبة العظيمة، وكان يعمل فيه المواكب العظيمة، وتجتمع به الأمراء ويكثر فيه الزحام من العسكر حتى قال فيه بعض الشعراء ﵀:
ما كان يكفي حر ذا إلا … يوان حتى ازداد قبه
فكأنني فيه خرو … ف قد شوى من تحت كبه
وفي هذه السنة هدم السلطان دور الحرم التي كانت بالقلعة وأنشأها عمارة جديدة وتباهى في بنائها.
وفي هذه السنة حضر إلى الأبواب المقر السيفي تنكز نائب الشام يزور السلطان، فأنزله في الميدان الكبير عند الناصرية، وبالغ في اكرامه وتعظيمه. وأحضر صحبته تقادم عظيمة إلى السلطان والأمراء ما بين خيول وفراش وقماش وغير ذلك.
[سنة احدى وثلاثين وسبعمائة (١٣٣١ م)]
فيها رسم السلطان بأن يعمل باب للكعبة الشريفة جديد من الخشب السنط الأحمر، فعمل وصفحوه فوق الخشب بصفائح الفضة، فكان زنتها ثلاثين ألف درهم. فلما قلع الباب العتيق وزنوا ما كان عليه من الفضة فكان زنتها ستين رطلا، فأنعم بها الملك الناصر على بني شيبة خدام البيت الشريف، فتقاسموه بينهم. وهذا الباب كان عمله الخليفة العباسي الملقب بالمقتفى بالله في سنة اثنتين وخمسين وخمسمائة من الهجرة.
[سنة اثنتين وثلاثين وسبعمائة (١٣٣٢ م)]
فيها شرع السلطان في التوجه إلى الحجاز الشريف، وهي الحجة الثالثة، فيها خرج من القاهرة في سابع شوال. وكان سبب هذه الحجة أن السلطان لما عمل هذا الباب الجديد