وفيه جاءت الأخبار من تونس بأن بها ثارت فتنة عظيمة، وحصل لعساكر المغرب مقتلة مهولة، والأمر لله تعالى في ذلك.
[سنة إحدى وتسعمائة (١٤٩٥ - ١٤٩٦ م)]
ختمها الله بخير وهي أول القرن العاشر، وكان مستهلها بالأحد وهو أول أسابيع الأيام، ولأول افتتاح العالم بالأحد.
ففي المحرم كان خليفة الوقت، الإمام المتوكل على الله أبو العز عبد العزيز العباسي، وسلطان العصر: الملك الأشرف أبو النصر قايتباي المحمودي الظاهري جقمق وقاضي القضاة الشافعية: زين الدين زكريا الأنصاري والقاضي الحنفي: ناظر الدين محمد الأخميمي. والقاضي المالكي: عبد الغني بن تقي الدين. والقاضي الحنبلي: بدر الدين محمد السعدي.
فمن حوادث هذه السنة أن السلطان أخدث مكسا على بيع الغلال، وجعل على كل أردب نصف فضة، ولم يعهد هذا قبل ذلك وكانت هذه الفعلة من أقبح مساويه، واستمر ذلك في صحيفته إلى الآن.
وفيه قدم علي باي نائب الإسكندرية فقرره السلطان في تقدمة ألف، وصار من جملة الأمراء المقدمين.
وفي قدم الحاج وقد قاسى في السنة المذكورة مشقة زائدة، ولم يجدوا الماء بنخل، فعرج بهم أمير الحاج، إلى جهة عيون موسى، حتى وجدوا الماء، وأخبر بعض الحجاج أنه سمع، وهو واقف بعرفة، ما جرى بمصر من ركوب المماليك وغيره من الأول إلى الآخر. فعد ذلك من النوادر، كيف أشيع ذلك بعرفة من غير مخبر أتى هناك.
وفيه قدم للسلطان أترجة غريبة الشكل، اجتمع فيها سبع عشرة أترجة من أصل واحد، فكانت بديعة الخلقة جدا.
وفيه عاد الشيخ عبد المؤمن العجمي، شيخ قبة السلطان التي بالمرج والزيات، وكان قد توجه إلى ابن عثمان قاصدا عن لسان السلطان، وصحبته هدية حافلة إلى ابن عثمان، من حملتها قماش فاخر، وسبع، وزرافة، وببغا حمراء اللون، وغير ذلك أشياء كثيرة. فلما عاد عبد المؤمن أخبر بأن ابن عثمان قد تلاشى أمر عسكره، وبطلت همته عن محاربة عسكر مصر، فسر السلطان بهذا الخبر.
وفيه جاءت الأخبار من حلب بوفاة صالح الكردي، حاجب حلب، وشيخ الأكراد بها، مات قتيلا.