في يوم الأحد ثاني عشر شهر رجب سنة ثمان وسبعين وستمائة، وتلقب بالملك المنصور، وجلس على سرير الملك في اليوم المذكور.
وكان أصله من مماليك آق سنقر الكاملي، ثم قدمه إلى الملك الصالح نجم الدين أيوب صاحب المدرسة الصالحية، فأعتقه في أثناء سنة سبع وأربعين وستمائة، فلما تم أمره في السلطنة أنعم على جماعة من خشداشينه بتقادم ألوف - وهم: طرنطاي، وكتبغا، ولاجين، وقفجق، والشجاعي، وأيبك الخازندار، وطقصو، وطغريل الايغاني، وبلبان الطباخ، وأقوش الموصلي، وسنقر جركس وازدمر العلائي، وقلجق وايدمر الطباخ، وقيران الشهابي، ومحمد الكوراني، وابراهيم الجاكي - ثم أمر بالافرانج عن جماعة من الأمراء الذين كانوا في السجن بثغر الاسكندرية، منهم الأمير أيبك الأفرم، فخلع عليه واستقر به نائب السلطنة وأقام في النيابة مدة يسيرة، ثم استعفى من ذلك فأعفاه السلطان ورتب له ما يكفيه، ولزم بيته.
ثم أن السلطان خلع على مملوكه طرنطاي واستقر به نائب السلطنة عوضا عن أيبك الأفرم، وخلع على الأمير سنقر الأشقر واستقر به نائب الشام. فلما أن دخل إلى الشام خرج عن الطاعة وأظهر العصيان، ثم أنه تسلطن هناك وقبلوا له الأرض بدمشق وتلقب بالملك الكامل، فأقام على ذلك مدة يسيرة، ثم فلت عنه الناس واضحل أمره وقصد أمراء الشام أن يقبضوا عليه فهرب إلى صهيون.
[سنة تسع وسبعين وستمائة (١٢٨٠ م)]
فيها جاءت الأخبار أن ملك التتار زحف على البلاد، وأرسل أخاه منكوتمر في جاليش العسكر، وقد وصلوا إلى حلب وملكوا ضياعها وأشرفوا على أخذ المدينة. فلما بلغ الملك المنصور فلاؤن الألفي ذلك خرج بنفسه، هو والأمراء، على جرائد الخيل. فلما وصل إلى غزة جاءت الأخبار بأن منكوتمر أخا أبغا - لما بلغه مجيء السلطان - نهب البلاد، وأحرق الضياع، وقتل الرعية، وآذى البرية … ثم رجع إلى بلاده.
فلما بلغ السلطان رجع من غزة إلى القاهرة، فجاءت الأخبار بأن التتار رجعوا إلى حلب وأفحشوا في حق الرعية أعظم ما فعلوا في الأول، فخرج إليهم السلطان ثانيا، وجد في السير فتلاقى مع عسكر التتار على المرج الأصفر، فكان بينهما واقعة عظيمة، وذلك في أوائل سنة ثمانين وستمائة، فكانت النصرة للملك المنصور قلاون، فتقنطر منكوتمر أخو أبغا إلى الأرض، فأحاط به التتار حتى حملوه