للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

انتهى ما أوردناه من أخبار سنة أربع وعشرين وتسعمائة وخرجت عن الناس على خير، وكانت سنة كثيرة الحوادث، منهما خسة النيل، ووقوع الغلاء في سائر البضائع والغلال، واستمرت هذه التشحطية تتزايد إلى أواخر السنة، ووقع من الحوادث نفي المباشرين إلى إسطنبول، وغير ذلك حوادث كثيرة تقدم ذكرها.

[سنة خمس وعشرين وتسعمائة هجرية (١٥١٩ م)]

كان مستهل الشهر يوم الاثنين، فطلع القضاة الأربعة إلى القلعة، وهنأوا ملك الأمراء بالعام الجديد ثم عادوا إلى دورهم.

وفي يوم مستهل الشهر أمطرت السماء مطرا غزيرا، فتفاءل الناس بأن ذلك العام يكون مباركا خصبا.

وفي يوم الخميس رابع المحرم، وصلت من ملك الأمراء نائب الشام جان بردي الغزالي إلى ملك الأمراء خاير بك تقدمة ليست بعظيمة أمر، وهي أربعة أرؤس خيل، وثمانية شقادف تشتمل على بطامير، ضمنها مخلل، وفي بعض الشقادف كمثري وتفاح وسواقه، وأرسل ملك الأمراء جان بردي إلى الأمير قايتباي الدوادار فرسا وأربع شقادف، ومثل ذلك للأمير أرزمك الناشف، ومثل ذلك إلى جماعة من الأمراء العثمانية، فشكروا له ذلك.

وفي يوم الجمعة خامس المحرم، حضر مبشر الحجاج وأخبر بالأمن والسلامة لهم، غير أن معهم العلاء الشديد، وموت الجمال، فوصل كراء الجمل إلى مائة وعشرين دينارا، وأن مكة فيها غلاء شديد، ونزل غالب من بها من المجاورين بسبب الغلاء، وأن العربان جائرة على الطرقات، وكانت سنة صعبة شديدة على الحجاج.

وفي يوم الأحد سابع المحرم قدمت الأخبار من قطيا بأن والي قطيا وهو شخص من الأتراك يقال له: قان بردي، وأصله من مماليك الظاهر برقوق، وقيل: من مماليك الغوري قانصوه، أرسل إليه ملك الأمراء انكشاريين يطالبانه بمال قطيا، فلم يعطهما شيئا، فأغلظا عليه في القول وقالا له: نأخذك معنا في الحديد إلى ملك الأمراء، فبطحهما على الأرض وضربهما بالمقارع حتى أشرفا على الموت وقيل: مات أحدهما من الضرب. وقال لهما امضيا إلى أستاذكما وقولا له إيش ما طلع من يدك افعله، فحضر أحدهما وأخبر ملك الأمراء بذلك، فلما سافرا من قطيا، أخذ والي قطيا ماله وغلماه وتوجه إلى جان بردي الغزالي في غزة بسبب ملاقاة الحاج، وقيل: كان عند والي قطيا جماعة كثيرة من المماليك الجراكسة، فلما توجه إلى الغزالي توجهوا معه إليه، فلما بلغ ملك الأمراء ذلك

<<  <  ج: ص:  >  >>