للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كسرت بمسرى سد مصر وتنقضي … وحقك بعد الكسر أيام نوروز

فكان الفأل بالمنطق. وتوجه الملك المؤيد عقيب ذلك إلى نوروز وقطع رأسه وأرسلها إلى مصر صحبة الأمير جرباش قاشق، وذلك في جمادي الأولى سنة سبع عشرة وثمانمائة، فارتجت لها مصر، وأقام بعد ذلك في دمشق أياما حتى مهد البلاد الشامية، وعزل من عزل، وولى من ولى وخلع على قانباي المحمدي واستقر به نائب الشام عوضا عن نوروز الحافظي، وخلع على الأمير اينال الصصلاني واستقر به نائب حلب، وخلع على الأمير سودون بن عبد الرحمن واستقر به نائب طرابلس، وخلع على الأمير جاني بك البجاسي واستقر به نائب حماه، ثم قصد التوجه إلى نحو الديار المصرية، فلما دخل إلى مصر كان له يوم مشهود، وزينت له القاهرة، وحملت على رأسه القبة والطير حتى طلع إلى القلعة.

[سنة ثماني عشرة وثمانمائة (١٤١٥ م)]

فيها جاءت الأخبار بأن النواب المقدم ذكرهم قد أظهروا العصيان وخرجوا عن الطاعة، فجرد إليهم الملك المؤيد ثانيا، وخرج إليهم بنفسه وأوقع معهم فانتصر عليهم وقبض على قانباي المحمدي نائب الشام وقطع رأسه، ثم قبض على اينال الصصلاني وقتله على صدر أبيه، ثم قتل الأب بعد ذلك. ثم أنه ولى جماعة من الأمراء نوابا غير هؤلاء ورجع إلى الديار المصرية، فلم يقم سوى مدة يسيرة. وقد جاءت الأخبار بأن النواب قد خامروا وأظهروا العصيان، فجرد إليهم ثالث مرة وخرج بنفسه. فلما بلغ النواب مجيئه هربوا من وجهه وتوجهوا إلى قرا يوسف أمير التركمان، فاستقر بنواب غيرهم ممن يثق بهم. وفي هذه المرة مهد البلاد الشامية والحلبية، وقطع جادرة هذه النواب الذين كانوا مخامرين عليه.

ثم رجع إلى الديار المصرية، وقد صفا الوقت، وأنشأ له مماليك كثيرة، وجدد له أمراء وحسنت أوقاته بمصر، فكان ينزل من القلعة ويتوجه إلى بولاق ويقيم عند القاضي ناصر الدين ابن البارزي في بولاق، وكان يعمل المواكب هناك وتجتمع الأمراء المقدمون عنده.

وكان ينزل يعوم في بعض الأوقات في البحر وحوله الأمراء والخاصكية.

وكان يتباهى في يوم كسر سد النيل المبارك، ويلزم الأمراء المقدمين بأن كل واحد منهم يزين له حراقة ويجعل فيها الصناجق والكئوسات، فإذا وفي النيل يحضرون له بالذهبية إلى بولاق، ويتوجه إلى المقياس يخلق العمود ويكسر السد، والأمراء المقدمون حوله في الحراريق المزينة حتى يسدوا البحر من كثرة المراكب، ويكون له يوم مشهود لم

<<  <  ج: ص:  >  >>