هو الملك الظاهر سيف الدين، أبو سعيد برقوق ابن أنص، وقيل أنس، العثماني الجركسي. وهو أول ملوك الجراكسة بالديار المصرية، وهو الخامس والعشرون من ملوك الترك وأولادهم بالديار المصرية.
بويع بالسلطنة بعد خلع الملك الصالح أمير حاج، ابن الملك الأشرف شعبان، ابن الأمجد سيدي حسين، ابن الملك الناصر محمد بن قلاون. تولى الملك في يوم الأربعاء تاسع عشر شهر رمضان من سنة أربع وثمانين وسبعمائة، الموافق لآخر يوم من هاتور من الشهور القبطية، وفي حال جلوسه على سرير الملك أمطرت السماء مطرا خفيفا، فاستبشر الناس بذلك.
وكانت صفة ولايته أنه لما صلى الظهر بايعه أمير المؤمنين المتوكل على الله محمد بحضرة القضاة الأربعة وشيخ الإسلام سراج الدين عمر البلقيني، وهو الذي لقبه بالملك الظاهر، لأنه تولى الملك وقت الظهر. فلما بايعه الخليفة أحضروا له خلعة السلطنة - وهي جبة سوداء، وشاش أسود ملفوف عمامة، وللجبة طرز زركش وسيف يداوي مقلد حمائلي - فركب من الحرافة التي في باب السلسلة، والأمراء مشاة بين يديه، والمقر السيفي أيتمش البجاشي حامل القبة والطير على رأسه إلى أن طلع من باب سر القصر الكبير، وجلس على سرير الملك، ونودى باسمه في القاهرة، وضج الناس له بالدعاء من العام والخاص.
ولما تسلطن الملك الظاهر برقوق أقامت القاهرة سبعة أيام وهي مزينة، والناس في فرح وسرور بسلطنته.
وكان أصل الملك الظاهر برقوق من مماليك الأتابكي يلبغا العمري الناصري، جلبه إلى مصر الخواجا عثمان بن مسافر فاشتراه منه الأتابكي يلبغا وأقام عنده مدة ثم أعتقه.
فلما مات يلبغا وجرى لمماليكه ما جرى، هرب برقوق وتوجه نحو الشام، فخدم عند منجك نائب الشام، فلما توفى منجك صار برقوق من جملة مماليك السلطان. فلما كانت