ثم أن السلطان أرسل بالإفراج عن الأمير بيبغا أروس - وكان بالسجن في قلعة الكرك - فلما حضر خلع عليه واستقر به نائب حلب. ثم خلع على الأمير أرغون الكاملي واستقر به نائب السلطنة بالديار المصرية.
وفي هذه السنة توفى ابن اللبانة الشاعر، وكان من فحول الشعراء وله شعر جيد، ومن لطائف قوله:
هلا ثناك على قلب مشفق … لترى فراشا في فراش يحرق
قد صرت كالرمق الذي لا يرتجى … وبقيت كالنفس الذي لا يلحق
لو في يدي سحر وعندي هذه … لجعلت قلبك كل يوم يعشق
لتذوق ما قد ذقت من ألم الهوى … فترق لي مما تراه وتشفق
وفيها توفي الإمام العالم العلامة شيخ الإسلام شمس الدين بن قيم الجوزية وكان له مصنفات كثيرة في العلوم الجليلة.
[سنة ثلاث وخمسين وسبعمائة (١٣٥٢ م)]
فيها جاءت الأخبار من حلب بأن الأمير بيبغا أروس قد خرج عن الطاعة وأظهر العصيان، وكذلك الأمير بكلمش نائب طرابلس، وكذلك الأمير أحمد نائب حماه، وكذلك الأمير الطنبغا برقاق نائب صفد - فأرسل نائب الشام الأمير أرغون الكاملي بخبر السلطان بما قد جرى من النواب.
ثم بعد ذلك بأيام يسيرة جاءت الأخبار بأن نائب حلب وصل إلى الشام وحاصر المدينة، فلما رأى نائب الشام عين الغلبة هرب تحت الليل هو ومماليكه وتوجه إلى نحو غزة فأقام بها، فأرسل يعلم السلطان والأمراء بذلك.
ثم جاءت الأخبار بأن بيبغا أروس لما دخل إلى الشام وقف تحت القلعة ومعه من تقدم ذكرهم من النواب، فاستعرض هناك العسكر الشامي والعسكر الحلبي، فكان مع الأمير بيبغا أروس من النواب والأمراء نحو ستين أميرا - غير العساكر الحلبية والشامية، وغير ما التف عليه من العربان والعشائر - فقويت شوكته. فلما فرغ من العرض نزل عند قبة بيبغا، وأرسل إلى نائب قلعة دمشق - وهو الأمير أياجي - بطلب منه أميرا كان مسجونا