للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الشيخ شمس الدين الذهبي: "ولما قتل الحاكم صار جماعة من الجهال المغفلين من وادي التيم من نواحي الشام يعتقدون حياة الحاكم إلى الآن، ويقولون لا بد أن يظهر في آخر الزمان ويعود إلى الخلافة، وأنه هو المهدى لا محالة، ويحلفون إلى الآن بغيبة الحاكم".

- الظاهر لدين الله

هو الظاهر لدين الله علي، بن منصور بن نزار ابن المعز معد، وهو الرابع من خلفاء بني عبيد الله الفاطمية بمصر، بويع له بالخلافة بعد أبيه الحاكم بأمر الله في شوال سنة إحدى عشرة وأربعمائة، وتلقب بالظاهر لدين الله. تولى الخلافة وله من العمر نحو ست عشرة سنة، وكانت عمته ست النصر أخت الحاكم هي القائمة بأمور دولته، والأمير سيف الدين بن رواش.

وفي أيامه اضطربت أحوال الديار المصرية والبلاد الشامية، واستولى على البلاد الشامية الأمير حسان شيخ عربان جبل نابلس، وصار يستخرج خراجها لنفسه، ونزع أيدي العمال عنها.

وفي سنة خمس عشرة وأربعمائة من خلافته توفيت ست النصر أخت الحاكم بأمر الله، فظهر لها موجود عظيم من المال والجواهر والقماش والتحف لا يحصى لكثرته، ووجد لها أربعة آلاف جارية ما بين بيض وسود ومولدات، فمنهن ألف وخمسمائة أبكار والبقية ثيبات، ووجد عندها ثلاثون زيرا صينيا مملوءة من المسك السحيق، وأما بقية الموجودة فما ضبط لكثرته.

ومن الحوادث في أيامه جاءت الأخبار من مكة أن رجلا أعجميا قد حضر إلى مكة وجماعة من الأعاجم معه فأظهروا أنهم يريدون الحج، فأقاموا في مكة مدة، ثم غافلوا الناس في وقت القائلة ودخلوا الحرم وقلعوا الحجر الأسود من مكانه وكسروه ثلاث قطع، فأدركهم الناس وأمسكوهم فقطعوا أيديهم وصلبوهم على أبواب الحرم، ثم أن الناس أعادوا الحجر الأسود إلى مكانه ولصقوا ما كسر منه.

وفي أيام الظاهر هذا اذن لأقباط مصر فيما كان يعمل في ليلة الغطاس بالديار المصرية، وكان هذا الأمر قد بطل من أيام المعز كما تقدم، وكان من أجل المواسم بمصر. وذلك أن ليلة الغطاس - وهي في الحادي عشر من شهر طوبه - تجتمع جماعة من المسلمين وجماعة من الأقباط النصارى عند شاطئ النيل قدام المقياس، فتنصب هناك الخيام على جانبي النيل وتوضع فيها الأسرة لأعيان القبط من الرؤساء، وكان البحر يمتلئ

<<  <  ج: ص:  >  >>