للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[سنة عشر وسبعمائة (١٣١٠ م)]

فيها خلع السلطان على الأمير بكتمر الناصري الحاجب واستقر به وزيرا.

ثم أن السلطان بلغه أن أخا الأمير سلار النائب وجماعة من الأمراء الذين هم من عصبة الأمير سلار يقصدون الوثوب على السلطان. فلما تحقق ذلك بادر وقبض على أولئك الأمراء الذين نقل عنهم أمر الوثوب - وكانوا نحو أربعة عشر أميرا - وقبض معهم على أخي الأمير سلار وأودعهم السجن.

ثم أن السلطان أرسل بكاتب سلار بما وقع من أخيه، وأرسل إلى سلار بالحضور إلى القاهرة ليزول أمر القال والقيل من بين الناس. ثم أن السلطان أرسل في هذه الرسالة الأمير علم الدين سنجر الجاولي، وأمره إن لم يجيء سلار طوعا يقبض عليه ويحضره كرها، فأخذ سنجر الجاولي مراسم السلطان وتوجه إلى سلار - وكان مقيما بالكرك وقيل بالشوبك - فلما وصل إليه الجاولي أجاب إلى الحضور. فلما حضر إلى الأبواب الشريفة، أودعه السلطان في السجن بالقلعة، فأقام به أياما وأشيع موته. وكان أصله من مماليك الملك الصالح علي بن قلاون، وقد تقدم ذكر ذلك في أخبار قلاون.

وقيل لما سجن الأمير سلار بعث إليه السلطان بطعام، فلما وصل إليه الطعام ومثل بين يدي سلار أبى أن يأكل، ورده على السلطان وأظهر الحمق. فلما بلغ السلطان ذلك منع عنه الأكل والشرب، فأقام على ذلك أياما، فلما تزايد به الجوع أكل أخفافه وهو في السجن. ولما بلغ السلطان ذلك رق له وأرسل من يقول له أن السلطان قد رضي عليك، ففرح وقام ومشى خطوات ثم وقع ميتا من شدة الجوع.

وكان سلار مربوع القامة، غليظ الجسد، أسمر اللون، خفيف اللحية، له بعض شعرات في حنكه … وكان من التتار، وكان شديد البأس، صعب الخلق، قوي الغضب. وكان لطيف الذات في ملبسه، وإليه ينسب السلاري إلى الآن والمناديل السلارية، وقد اقترح أشياء كثيرة في الملبوس وقماش الخيل وآلة الحرب، وهي منسوبة إليه إلى اليوم. وكان كثير البر والصدقات، وله آثار ومعروف، وكان في سعة من المال والعيال مما لا يحصى لكثرته.

ولما مات سلار تولى أمر دفنه الأمير سنجر الجاولي، ودفنه في مدرسته الجاولية التي عند الكبش، ثم أن السلطان احتاط على موجوده فظهر له من الأموال والتحف ما لم يسمع بمثله في خزائن الملك. قال الشيخ محمد الكتبي: "وقفت على قوائم بخط القاضي جمال الدين بن الغديرة تتضمن ما قد اشتملت عليه تركة الأمير سلار النائب - وذلك أول ما ضبط في أول يوم وهو يوم الأحد سادس عشر جمادي الأول من سنة عشر وسبعمائة -

<<  <  ج: ص:  >  >>