وفيه توفي حسن بن محمد بن أيوب الكردي، نائب القدس، ونائب الكرك، وكان رئيسا حشما لا بأس به. وكان قد شاخ وناف على الثمانين سنة.
وتوفي القاضي شهاب الدين أحمد الطولوني الحنفي، أحد نواب الحكم. وكان مفرطا في السمن جدا، بحيث لم يكن في عصره أسمن منه. ومما وقع له أن جماعة من الفلاحين تحاكموا عنده على دين، فأنكر الذي عليه الدين، فألزمه القاضي باليمين، فلما أراد أن يحلف، قال له الخصم: إن كنت ما أخذت مني شيئا تبقى في سمن هذا القاضي، فاعترف لخصمه بالدين ولم ينكره.
[سنة ثلاث وثمانين وثمانمائة (١٤٧٨ م)]
فيها، في المحرم، خلع السلطان على العلائي علي بن الصابوني، وقرره في وكالة بيت المال، عوضا عن النابلسي، وقرر في قضاء الشافعية بحلب، عز الدين الخشفاوي، وصرف عنها أبو البقاء ابن الشحنة.
وفيه جاءت الأخبار بأن السلطان قبض على جاني بك الفقيه، أمير سلاح الذي توجه أمير ركب المحمل، فقبض عليه من العقبة، وأرسله من هناك إلى القدس بطالا.
ونفى أيضا قايتباي الخشقدمي إلى جهة حلب، ونفى أيضا يشبك جنب الظاهري جقمق إلى جهة دمشق. لكونهما كانا من أصحاب جاني بك الفقيه.
وفيه دخل الحاج إلى القاهرة، وقد قاسى في السنة المذكورة شدائد عظيمة من الغلاء، وموت الجمال، وانقطع جماعة من الحاج من رجال ونساء. وقتل في السنة المذكورة قاضي المدينة المشرفة وخطيبها. وقد قتله بعض الرفض … وسبب ذلك أن الخواجا شمس الدين بن الزمن ابتدأ بعمارة السلطان فأخذ مكانا كان يسكنه هذا الرافضي فادخله من بناء المدرسة، فتعصب القاضي على الرافضي في هدم مكانه، وكان ذلك سببا لقتله.
أقول: وأنا حججت تلك السنة، وشاهدت الواقعة، ونفى جاني بك الفقيه من العقبة.
وفيه خلع السلطان على جانم قريبه وقرره في نظر الجوالي، وهو جانم الشريفي. وهذا أول إظهار جانم الشريفي في الوظائف. فأقام في نظر الجوالي مدة يسيرة. ثم أنعم عليه بتقدمة ألف. وهو تقدمة جاني بك الفقيه أمير سلاح. فعظم أمر جانم جدا، وكان أمرد لم يتلح.