للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلما جاءت الأخبار بذلك اضطربت أحوال الديار المصرية، وعلق السلطان الجاليش، وقصد التوجه إلى البحيرة. ثم أن بعض الأمراء أشار بعدم خروج السلطان، وأن سائر الأمراء يخرجون إليهم، فجاءت الأخبار عن ذلك بأن نائب الاسكندرية حضر هناك وصحبته عربان كثيرة من عربان الغربية، فوقعوا مع العربان فكسروهم كسرة قوية وهربوا إلى نحو برقة، فبطل العسكر الذين كانوا قد توجهوا إليهم.

وفيها توفى الأديب أحمد سميكة، وكان شاعرا ماهرا في طبقة إبراهيم المعمار، ومن شعره قوله:

شهر الصيام مبارك … لو لم يكن في شهر آب

خفت العذاب فصمته … فوقعت في وسط العذاب

[سنة ثلاث وثمانين وسبعمائة (١٣٨١ م)]

فيها هجم الوباء بالديار المصرية، ووقع الغلاء أيضا في تلك السنة.

وفيها حضر إلى القاهرة الشيخ الصالح الزاهد الماسك العارف بالله تعالى الشيخ علي الروبي، أعاد الله علينا من بركاته. فلما حضر عند الأتابكي برقوق، وأقام عنده يومين، بشره من نفسه بأنه سيلي السلطنة في يوم الأربعاء تاسع عشر رمضان سنة أربع وثمانين وسبعمائة، ومما بشر به الناس أن بعد مضي شهر يرتفع الوباء من القاهرة، ويتناقص الغلاء، ثم يموت عقيب ذلك الملك المنصور علي بن الأشرف شعبان.

وأقام الشيخ على الروبى في مصر أياما ثم توجه إلى بلاده، فما مضى قليل حتى أشيع بين الناس أن الملك المنصور عليا قد طعن وهو في حال العدم.

فلما كان يوم الأحد ثالث عشرى صفر فيه توفى الملك المنصور على ابن الأشرف شعبان، وكانت وفاته بعد الظهر ودفن في يومه، وتولى تجهيزه الأمير قطلوبغا الكوكاي، فغسله وكفنه وصلوا عليه بالقلعة ودفنوه في مدرسة جدته خوند بركة أم الملك الأشرف شعبان التي بالتبانة.

ومات الملك المنصور علي وله من العمر نحو اثنتى عشرة سنة، فكانت مدة سلطنته بالديار المصرية خمس سنين وثلاثة أشهر ونصفا. وكان جميل الصورة، حسن الشكل، قليل الأذى في حق الرعية، وكان مع الأتابكي برقوق في غاية الضنك، ليس له في السلطنة إلا مجرد الاسم فقط، والأمر كله للأتابكي برقوق.

<<  <  ج: ص:  >  >>