للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولما مات الملك المنصور علي لم يجسر برقوق أن يتسلطن بعده، فأخرج سيدي أمير حاج أخا الملك المنصور علي وسلطنه عوضا عن أخيه علي.

- الملك الصّالح أمير حاج

هو الملك الصالح أمير حاج، ابن الملك الأشرف شعبان، ابن الأمجد حسين، ابن محمد بن قلاون، وهو الرابع والعشرون من ملوك الترك وأولادهم بالديار المصرية، بويع بالسلطنة بعد موت أخيه الملك المنصور علي في يوم الاثنين رابع عشرى صفر سنة ثلاث وثمانين وسبعمائة (١٣٨١ م)، وتولى الملك وله من العمر نحو احدى عشرة سنة.

وكانت صفة ولايته أن أمير المؤمنين محمدا المتوكل حضر والقضاة الأربعة وشيخ الإسلام سراج الدين عمر البلقيني وسائر الأمراء، فاجتمعوا عند باب الستارة وطلبوا من بقى من أولاد الملك الأشرف شعبان، فوقع الاتفاق على تولية سيدي أمير حاج - وكان أكبر أخوته - فولوه السلطنة ولقبوه بالملك الصالح، وأحضروا له خلعة السلطنة فلبسها، وركب من باب الستارة والأمراء مشاة بين يديه حتى وصل إلى الايوان، فجلس على سرير الملك، والأتابكي برقوق حامل القبة والطير على رأسه، ثم دخل إلى القصر ومد السماط ونادى باسمه في القاهرة وضج الناس له بالدعاء.

فلما تم أمره في السلطنة رسم بالافراج عن بيدمر الخوارزمي نائب الشام - وكان معتقلا بثغر دمياط - فلما حضر خلع عليه واستقر به نائب الشام على عادته.

ثم جاءت الأخبار من البلاد الحلبية بأن طائفة من التركمان نهبوا بعض ضياع حلب وحصل منهم غاية الفساد. فلما بلغ الأتابكي برقوق ذلك عين لهم تجريدة، وخرج إليهم ثلاثة من الأمراء المقدمين وخمسمائة مملوك، فلما توجهوا إلى هناك التقوا مع التركمان وكسروهم، وقتلوا منهم جماعة كثيرة، ونهبوا أموالهم وطردوهم إلى ملطية، ثم رجع العسكر إلى القاهرة وهم في غاية النصرة.

وفيها توفى الشيخ نظام الدين، وهو صاحب النظامية التي بطاوق جبل القلعة.

ومن الحوادث في هذه السنة أن الأمير جركس الخليلي أمير أخور كبير حسن للأتابكي برقوق وجماعة من الأمراء أن يعمل جسرا ما بين الروضة وبين جزيرة أروى - وكان البحر قد احترف في تلك السنة احترافا زائدا - فحفروا في وسط البحر خليجا من الروضة إلى الزربية، وشرعوا في عمل جسر طوله نحو ثلثمائة قصبة وعرضه عشرة أقصاب، وجعلوا بظاهر هذا الجسر خوازيق سنط كل خازوق نحو من ثمانية أذرع، وسمروا عليها أفلاق خشب نخل وردموا عليها بالتراب، وأنجز العمل من هذا الجسر في

<<  <  ج: ص:  >  >>