الفتوح". فدفعوا المائة دينار إلى المكاري، فبعث إليه بمائة دينار أخرى غير المائة الأولى، فقال الشيخ: "ادفعوا إلى المكاري، فانا ركبنا معه على الفتوح". فلما وصل الشيخ إلى جامع عمرو نزل عن الحمار وصار يعتذر إلى المكاري في التقصير، وقال: "لو دخل إلينا أكثر من ذلك لدفعناه إليك".
ثم ان الملك الكامل قصد التوجه إلى دمشق لتفقد الأحوال، فخرج من القاهرة وتوجه إلى دمشق، فلما دخلها أقام بها مدة ثم مرض ومات هناك ودفن بدمشق. وكانت وفاته في العشرين من رجب سنة خمس وثلاثين وستمائة، فكانت مدة سلطنته بمصر نحوا من عشرين سنة.
ولما مات تولى من بعده ابنه العادل أبو بكر.
- الملك العادل
هو الملك العادل سيف الدين أبو بكر، بن الملك الكامل محمد، بن الملك العادل أبي بكر، بن نجم الدين أيوب، وهو السادس من ملوك بني أيوب بمصر. بويع بالسلطنة بعد موت أبيه الملك الكامل محمد. تولى الملك في سنة خمس وثلاثين وستمائة.
وكان سبب سلطتنه أنه لما توفي أبوه الملك الكامل بدمشق، كان العادل أبو بكر هذا نائبا عن أبيه بمصر لما أن توجه إلى دمشق، فلما توفي هناك الملك الكامل، وجاءت الأخبار بموته إلى القاهرة، اتفق رأى الأمراء الذين كانوا بمصر على أن يسلطنوا الأمير أبا بكر بن الملك الكامل عوضا عن أبيه، فسلطنوه ولقبوه بالملك العادل على اسم جده الملك العادل أبي بكر، فلما بلغ أخاه نجم الدين، وكان نائبا بحلب، أن أخاه تسلطن بمصر - وكان العادل أصغر من أخيه نجم الدين - شق ذلك على نجم الدين وحضر من حلب إلى الديار المصرية في أسرع مدة. فلما دخل إلى مصر وثب على أخيه الملك العادل وحاربه وجرى بينهما من الحروب ما يطول شرحه عن هذا المختصر.
وصار العسكر معهم فريقين: مع كل أخ فريق.
ودام الأمر على ذلك ثم قويت شوكة الأمير نجم الدين على أخيه العادل فخلعه من السلطنة وسجنه بقلعة الجبل إلى أن مات، كما سيأتي ذلك في موضعه، فكانت مدة ولايته على مصر سنة وشهرين واياما. ولما خلع تولى من بعده أخوه نجم الدين.