للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عشر المحرم سنة ثلاث وأربعين وسبعمائة، فلما جلس على سرير الملك وتم أمره في السلطنة خلع على الأمير آق سنقر السلاري واستقر به نائب السلطنة بالديار المصرية، وخلع على الأمير أيدغمش واستقر به نائب الشام، وخلع على الأمير طقزدمر واستقر به نائب حلب، وقبض على الأمير الطبغا المارديني - وهو صاحب الجامع الذي في البرادعيين - وأرسله إلى السجن بثغر الاسكندرية. ثم عزل من عزل وولى من ولى، فما اختلف عليه اثنان، ولا قيل هذان خصمان، فسار في الناس سيرة حسنة، وبسط العدل، وأكثر في الرعية من البذل، وعامل خاصكية أبيه بالمعروف وبذل لهم الألوف بعد الألوف.

[سنة أربع وأربعين وسبعمائة (١٣٤٣ م)]

فيها تغير خاطر السلطان على الأمير آق سنقر نائب السلطنة، فقبض عليه وأرسله إلى السجن بثغر الاسكندرية، ثم خلع على الحاج آل ملك واستقر به نائب السلطنة عوضا عن آق سنقر السلاري.

والأمير آل ملك هذا هو صاحب الجامع الذي في الحسينية. وكان الأمير آل ملك له بر ومعروف، ولما تولى نيابة السلطنة أمر بهدم خزانة البنود التي كانت سجنا يحبسون فيها أصحاب الجرائم ثم صارت حارة يسكن فيها طائفة من الأرمن، ويجتمع فيها طائفة من المناحيس والمقامرين فيحصل منهم غاية الفساد، فهدمها وبنى مكانها مسجدا فلم يصل أحد فيه لما قد تقدم فيه من الفساد وسفك الدماء، وكثرة من به من القتلى مدفونا، فصار هذا المسجد مقفلا دائما لا يصلي فيه أحد من الناس، وبقي مهجورا. وقد قال فيه بعض الشعراء:

أنا مسجد سميت بيت عبادة … عارى الملابس ليس في حصير

هجر المؤذن والجماعة جانبي … وجفاني التهليل والتكبير

الشمع في خلل المساجد مشعل … وفناء ربعي مظلم مهجور

ما جاء في القرآن في عبارة … واليوم للشيطان في عبور

هل مبلغ عني الأمير شكايتي … فلعله يرثى لمن هو بور

<<  <  ج: ص:  >  >>