الغزالي بمطالعات إلى الأمراء الذين بالقاهرة، فلما أنكر الغلام ذلك حنق منه ملك الأمراء، ورسم بتوسيطه فوسطه عند باب السلسلة قريب المغرب، ومضى أمره.
وفي يوم الخميس خامس عشريه، حضر مبشر الحاج، وأخبر أنه حصل للحجاج مشقة عظيمة بسبب الغلاء في سائر الأصناف والبضائع، ومات من الحجاج جماعة كثيرة، وأشيع الثناء الجميل على أمير الحاج جانم الكاشف.
وفيه قدم الخبر بأن نائب الشام جان بردي الغزالي توجه إلى حلب بمن معه من العساكر، وحاصر المدينة أشد المحاصرة، وقد حاربه أهل حلب وتعصبوا عليه، ولم يمكنوه من أخذ المدينة.
وقد انفصلت هذه السنة عن الناس وهم في أمر مريب، من استمرار الغلاء مع قلة الأمن، والفتن القائمة في البلاد الشامية والحلبية، وكثر القال والقيل بين الناس بسبب جان بردي الغزالي، فإنه أشيع عنه أنه تسلطن بالشام وتلقب بالملك الأشرف.
ومن أعظم حوادث هذه السنة، موت الخنكار سليم شاه بن عثمان، فإن موته كان من العجائب والغرائب … ولا سيما ما جرى منه في حق أهل مصر من الفعائل الشنيعة مما تقدم ذكره.
ومن لطائف صنائع الله تعالى أنه لم يقع في هذه السنة طاعون ولا غيره في البلاد الشامية، ولا أعمال الديار المصرية.
[سنة سبع وعشرين وتسعمائة (١٥٢١ م)]
استهل المحرم بيوم الأربعاء، فطلع القضاة الأربعة إلى القلعة، وهنأوا ملك الأمراء بالشهر والعام الجديد، ثم عادوا إلى دورهم.
وفي ذلك اليوم حضر قاصد من عند السلطان سليمان نصره الله تعالى، وعلى يده مراسيم شريفة، فكان من مضمونها أن ملك الأمراء خاير بك على عادته في النيابة بالديار المصرية.
ثم أنه أشيع أن السلطان سليمان أرسل يقول لملك الأمراء: إنه عين تجريدة عظيمة إلى نائب الشام جان بردي الغزالي، وأرسل يقول: لا تخرج تجريدة نحن نكفيك أمره.
وفيه قدمت الأخبار بأن جاليش عسكر نائب الشام لما توجه إلى حلب، وحاصر المدينة، انكسر ذلك الجاليش.
ثم أشيع أن عربان الكرك قد استولوا على مدينة الكرك، ورفعوا يد جماعة نائب الشام، وقد انتدب إلى محاربة جان بردي الغزالي شخص من عربان جبل نابلس يقال له: جعيما شيخ عربان الكرك.