للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي رابع الشهر وقعت كائنة عظيمة لشخص من الأتراك يقال له: إياس، قيل: إنه من مماليك الأمير يشبك الدوادار، رسم ملك الأمراء بتوسيطه فوسط في الرميلة وكان سبب ذلك أنه كان في مجلس لهو، وحضر في ذلك المجلس جماعة من الأصباهية، فخلط إياس في الكلام مع الأصباهية في ذلك المجلس، فقال: بلغني عن ملك الأمراء أنه يقصد أن يتسلطن بمصر كما تسلطن الغزالي بالشام. فلما حضر جماعة من الأمراء العثمانية عند ملك الأمراء، قالوا له: بلغنا أنك تقصد أن تتسلطن بمصر كما تسلطن الغزالي بالشام. فقال لهم: ومن نقل عني ذلك، قالوا شخص من الأتراك يقال له: اياس، فأمر بإحضاره، فلما حضر قال له: من قال لك عني إني أقصد أن أتسلطن؟ فقال له إياس: أنا سمعت ذلك من العوام، فقال له ملك الأمراء: أحضر لي من نقل عني ذلك، فانعقد لسان إياس وتوهم من ذلك، واضطربت أحواله، وصار لا يدري ما يقول، فأخذ الأمير قايتباي الدوادار يرقع له خلله، فطفش فيه ملك الأمراء وكاد أن يفتك به.

ثم أن ملك الأمراء رسم للوالي بأن يقبض على إياس المذكور، فقبض عليه ونزل به من القلعة إلى الرميلة، فوسطه بسوق الخيل، وراح ظلما من غير ذنب يوجب عليه ذلك، فإن أكثر الناس كانوا يخلطون في ذلك من حين أشيع سلطنة جان بردي الغزالي بالشام، واستمر إياس مرميا في الرميلة والكلاب تنهش جثته في الليل، ورسم أن لا أحد يدفنه.

وكان إياس شيخا مسنا، وله أولاد وعيال، ولكن اشتد غضب ملك الأمراء عليه في ذلك اليوم، فعد ذلك من مساوي ملك الأمراء.

وفي يوم الثلاثاء سابعه وقع من ملك الأمراء ما هو أشنع من ذلك، وهو أنه رسم بتوسيط محمد بن شمس الدين محمد الفرنوي. وسبب ذلك أن ابن الفرنوي قبض على فلاح وسجنه، فإنه كان مباشر وقف السلطان حسن، فلما سجن ذلك الفلاح حمل بعض أقارب الفلاح على الفرنوي شخصا من العثمانية، فكلم الفرنوي في خلاص ذلك الفلاح، فلم يوافق ابن الفرنوي على إطلاقه فأغلظ عليه العثماني في القول وسبه، فقال ابن الفرنوي: عن قريب يحضر جان بردي الغزالي نائب الشام وتخرجون على … ، فطلع العثماني وشكا إلى ملك الأمراء ما قاله، فأحضر ابن الفرنوي وقال له: كيف تقول عن قريب يحضر الغزالي ويتسلطن بمصر، فأنكر ابن الفرنوي ذلك، فأحضر العثماني جماعة ممن كانوا حاضرين فشهدوا على ابن الفرنوي بأنه قال ذلك، فحنق منه ملك الأمراء ورسم بتوسيطه فوسط في الرميلة، وراح ظلما كما وقع لاياس. وكان ابن الفرنوي هذا من أعيان الناس، أمام الأمير أقبردي الدوادار والأمير يشبك الدوادار.

<<  <  ج: ص:  >  >>