للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكان الظاهر بلباي من عمره أرشل قليل المعرفة، وكان يعرف ببلباي المجنون، وكان عمره كله في غلاسة هو ومماليكه. وكان ملبسه مغلسا من عمره، وشكله سمج، وتدبيره سيئ … فجمع بين قبح الفعل والشكل وسوء الطباع ومقت اللسان كما قيل:

وفظ غليظ الطبع لا ود عنده … وليس لديه للأخلاء تأنيس

تواضعه كبر، وتعريبه جفا … وترحيبه مقت، وبشراه تعبيس

وقد زال سعده جملة واحدة، فكانت أيامه شر أيام مع قصرها، وخرج ماله على أنحس وجه.

وكان مع خير بك الدوادار في غاية الضنك، ليس له في السلطنة إلا مجرد الاسم فقط، ولا يتصرف في شيء من أمور المملكة إلا بشورة الأمير خير بك، فكان إذا سئل في شيء يقول: "ايش كنت أنا؟ … قل له". .. يعني قل لخير بك حتى سمته العوام "قل له". ..

وكان خير بك جعل السلطان بلباي آلة، وهو يمهد لنفسه في الباطن، وقد طمعت آماله في السلطنة، وحدثته نفسه بذلك، والله غالب على أمره

- الملك الظاهر أبو سعيد

هو الملك الظاهر أبو سعيد تمربغا الظاهري. وهو الأربعون من ملوك الترك وأولادهم بالديار المصرية، وهو الثاني من ملوك الروم بمصر في العدد.

كان أصله رومي الجنس من مشتريات الملك الظاهر جقمق ورباه صغيرا … فلما تسلطن جقمق جعله خاصكيا، ثم بقى من جملة السلحدارية، ثم بقي خازندارا، ثم بقي أمير أربعين، ثم دوادارا ثانيا في أثناء دولة الملك الظاهر جقمق، وسافر إلى الحجاز أميرا في سنة تسع وأربعين وثمانمائة، ثم بقي مقدم ألف في دولة الملك المنصور عثمان بن جقمق، ثم نفى إلى ثغر الاسكندرية وسجن بها نحو ست سنين، ثم نقله الملك الأشرف اينال إلى مكة فأقام بها نحو ثلاث سنين.

فلما تسلطن الظاهر خشقدم رسم باحضاره من مكة، فلما حضر خلع عليه واستقر به رأس نوبة النوب عوضا عن قرقماس الجلب فأقام على ذلك مدة، ثم نفاه الظاهر خشقدم إلى ثغر الاسكندرية فأقام في السجن ثلاثة أيام هو والأمير أزبك ططخ، فشفع فيهم الأتابكي قائم التاجر، فرسم السلطن باحضارهم. فلما حضروا أقام على ذلك مدة، ثم بقي

<<  <  ج: ص:  >  >>