وفي أثناء هذه السنة كانت وفاة العلامة الحافظ فخر الدين عثمان الديمي شيخ الحديث، وكان عالما فاضلا محدثا دينا خيرا، ومات وهو في عشر الثمانين، وكان لا بأس به.
وفيها توفي أيضا القاضي ولي الدين محمد النحريري المالكي أحد نواب المالكية، وكان رئيسا حشما فاضلا في مذهبه من أعيان المالكية، وكان لا بأس به.
[سنة عشر وتسعمائة (١٥٠٤ - ١٥٠٥ م)]
فيها - في المحرم - خلع السلطان على عنبر الطواشي وأعاده إلى تقدمة المماليك كما كان أولا، وقد قاسى شدائد ومحنا وسجن في العرقانة مدة، ثم رضي عليه السلطان وأعاده إلى وظيفته، وقد استحسن منه السلطان جوابه أن من عادة السودان الهروب فعفا عنه فيما بعد.
وفيه أخذ قاع النيل فجاءت القاعدة ست أذرع على حكم السنة الماضية.
وفيه، في الثالث والعشرين، دخل الحاج إلى القاهرة مع السلامة.
وفيه أشيع بين الناس بوقوع فتنة كبيرة فوزع الناس قماشهم في الحواصل، فلما بلغ السلطان ذلك جمع الأمراء، وأحضر لهم المصحف العثماني، وحلفهم عليه، فخمدت تلك الإشاعات الفاسدة.
*****
وفي صفر عرض السلطان جماعة من أولاد الناس، ومن المماليك السيفية، ممن كان قطع جوامكهم، وقرر لجماعة منهم جوامكهم وجماعة بحكم النصف.
وفيه توقف النيل عن الزيادة ستة أيام، فقلقت الناس لذلك، وتشحطت الغلال، وتكالب الناس على مشترى الغلال، ثم ترادفت الزيادة من بعد ذلك حتى أوفي عن قريب.
*****
وفي ربيع الأول، خلع السلطان على الشهاب أحمد بن فرفور الدمشقي قاضي القضاة بدمشق، وقرره في قضاء الشافعية بمصر، عوضا عن القاضي برهان الدين بن أبي شريف المقدسي بحكم صرفه عنها. وقد جمع الشهاب بن فرفور بين قضاء الشافعية بمصر والشام في وقت واحد، فعد ذلك من النوادر.
وفي سابعه كان وفاء النيل المبارك، وقد أوفي في خامس عشرين مسري، فتأخر عن النيل الماضي سبعة عشر يوما، فزاد عن الوفاء في ذلك اليوم خمس أصابع من الذراع السابعة عشرة، فكان كما قيل في المعنى: