للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قد صير الندب لنا سنة … عليه من باد ومن حاضر

فبعده للملك يتم غدا … تبكي عليه أعين الناظر

لكن أتانا فرج عاجلا … من بعده بالملك الناصر

- الملك الناصر فرج

لما توفى الملك الظاهر برقوق، نزل من بعده ابنه فرج وهو الملك الناصر زين الدين أبو السعادات فرج، ابن الملك الظاهر برقوق بن أنص العثماني، وهو السادس والعشرون من ملوك الترك وأولادهم بالديار المصرية، وهو الثاني من ملوك الجراكسة وأولادهم بمصر.

تولى الملك بعهد من أبيه، وجلس على سرير الملك في يوم الجمعة خامس عشر شهر شوال سنة احدى وثمانمائة، فبايعه أمير المؤمنين المتوكل بحضرة القضاة الأربعة وشيخ الإسلام سراج الدين عمر البلقيني الشافعي، وبحضرة الأتابكي أيتمش البجاسي وسائر الأمراء، فألبسوه خلعة السلطنة - وهي جبة سوداء بطرز زركش - وركب من الاصطبل السلطاني، وطلع من باب سر القصر الكبير والأتابكي أيتمش حامل القبة والطير على رأسه، فجلس على سرير الملك، وباس له الأمراء الأرض.

وفي حال جلوسه على الكرسي جاء ابن الرداد ببشارة النيل المبارك بما جاءت به القاعدة، فاستبشر الناس بذلك، ثم دقت الكئوسات ونودى باسمه في القاهرة، وضج الناس له بالدعاء وخطب باسمه في ذلك اليوم على منابر القاهرة.

قيل إن الملك الناصر فرجا تولى الملك وله من العمر نحو اثنتى عشرة سنة، وكانت أمه رومية الجنس تسمى شيرين الطويلة، وفيه يقول بعض الشعراء:

مضى الظاهر السلطان أعظم مالك … إلى ربه يرقى إلى الخلد في الدرج

وقالوا ستأتي شدة بعد موته … فأكذبهم ربي وما جا سوى فرج

فلما انقض أمر الموكب شرع الأمراء في تجهيز الملك الظاهر برقوق، فغسلوه وكفنوه وصلوا عليه بالقلعة، ونزلوا به والأمراء مشاة قدامه، وكانت جنازته مشهودة بخلاف من

<<  <  ج: ص:  >  >>