هذه المدة هو السلطان، يعزل من يشاء ويولي من يختار من عصبته، وقد قال بعض الزجالة هذا المطلع:
من الكرك جانا الظاهر … وجب معو أسد الغابة
ودولتك يا أمير منطاش … ما كانت إلا كدابه
ولما دخل الملك أمير حاج إلى دور الحرم أقام بها إلى أن مات على فراشه في ليلة الأربعاء تاسع عشر شوال سنة أربع عشرة وثمانمائة، وذلك في دولة الملك الناصر فرج بن برقوق، وصلى عليه بالقلعة ودفن في تربة جدته خوند بركة التي بالتبانة، ومات وله من العمر نحو سبع وأربعين سنة، وقيل أنه مات وهو مقعد في الفراش مما حصل له في يوم وقعة شقحب لما كبس عليه الملك الظاهر برقوق، واستمرت الطربة معه حتى مات.
وقد قال القائل في المعنى:
اصبر لدهر نال منك … فهكذا مضت الدهور
فرحا وحزنا تارة … لا الحزن دام ولا السرور
- عود الملك الظاهر برقوق
عاد إلى السلطنة الملك الظاهر برقوق بن أنص - وقيل أنس - العثماني، وهي السلطنة الثانية.
لما حضر من دمشق، ودخل القاهرة، جلس في باب السلسلة كما تقدم ذكر ذلك. فلما بايعه الخليفة بحضرة القضاة أحضروا له خلعة السلطنة فلبسها، وركب من المقعد وطلع من باب سر القصر وجلس على سرير الملك، وذلك في يوم الأربعاء رابع عشر صفر سنة اثنتين وتسعين وسبعمائة.
ومن العجائب أن سلطنته الأولى كانت في يوم الأربعاء وسلطنته الثانية كانت في يوم الأربعاء.
ولما جلس على سرير الملك نودى باسمه في القاهرة، وضج الناس له بالدعاء، وبطل القيل والقال من بين الناس، وقد قال القائل في المعنى:
ملك به أخضر الزمان كأنما … أيام دولته ربيع ثاني
فلما تم أمره في السلطنة عمل الموكب، وخلع على من يذكر من الأمراء، وهم: المقر السيفي سودون الفخري الشيخوني واستقر به نائب السلطنة على عادته، وخلع على المقر