للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلما تسلطن وتم أمره في السلطنة قبض على جماعة من الأمراء وأرسلهم إلى السجن بثغر الاسكندرية، وأنعم على جماعة من الأمراء بتقادم ألوف ووظائف سنية، وأنعم على ولده المقر الصارمي ابراهيم بتقدمة ألف، وأقام له من الأمراء عصبة، وأرضى الجند بالاقطاعات، ثم قرب جماعة حضروا معه من البلاد الشامية فرقاهم إلى وظائف سنية، فمنهم المقر الزيني عبد الباسط بن خليل، ومنهم المقر الناصري ناصر الدين بن البارزي، ومنهم القاضي علم الدين داود بن الكويز، والقاضي بدر الدين بن مزهر، والأمير ناصر الدين التاج وأخوه، والشيخ تقي الدين بن حجة الحموي عين أعيان الشعراء، وغير هؤلاء جماعة كثيرة حضروا معه من البلاد الشامية إلى الديار المصرية.

ثم أنه قبض على القاضي فتح الله كاتب السر الشريف واحتاط على موجوده من صامت وناطق، ثم أنه خنقه ودفنه تحت الليل. فلما مضى أمر فتح الله خلع على المقر القاضوي ناصر الدين بن البارزي واستقر به كاتب السر بالديار المصرية عوضا عن فتح الله، واستقر بالمقر الزيني عبد الباسط كاتب الخزائن الشريفة، ثم جعله وإلى القاهرة وناظر الجوالي وناظر الكسوة الشريفة. واستقر بالقاضي علم الدين بن الكويز ناظر الجيوش المنصورة، واستقر بالأمير ناصر الدين التاج استادار الصحبة، وقرر كل واحد منهم في وظيفة تليق به. ثم أنه قرب من الأمراء من شاء منهم، وأبعد من شاء منهم، واستقامت أموره في السلطنة، وأطاعه الجند ولم يختلف عليه اثنان من العسكر.

[سنة ست عشرة وثمانمائة (١٤١٣ م)]

فيها جاءت الأخبار من دمشق بأن نوروز الحافظي لما بلغه أن شيخ خلع الخليفة العباس من السلطنة وتسلطن عوضه، عز ذلك عليه، ولم يقبل الأرض للملك المؤيد شيخ، وأظهر العصيان وتعجب من شيخ كيف خان الإيمان والعهود التي كانت بينه وبين نوروز - وكانوا أعظم من الاخوة ينامون على مخدة واحدة - فخان شيخ الايمان والعهود وتسلطن بمصر، فكان كما قيل:

وحلفت أنك لا تميل مع الهوى … أين اليمين وأين ما عاهدتني؟

واستمر نوروز يخطب باسمه الخليفة العباس على منابر دمشق وأعمالها، ولم يخطب باسم الملك المؤيد شيخ، ولا ضرب باسمه سكة، واستمر واضعا يده على البلاد الشامية من غزة إلى الفرات.

<<  <  ج: ص:  >  >>