وينقش على الدنانير والدراهم اسماهما، وأن يقدم اسم الخليفة في الدعاء يوم الجمعة على المنابر قبل اسمه.
ثم أنه أسكن الإمام أحمد في مناظر الكبش التي أنشأها الأمير أحمد بن طولون، وكانت مناظر الكبش مطلة على بحر النيل. ورتب له ما يكفيه في كل يوم هو وعياله، وأمره بأن يصعد إلى القلعة في أول كل شهر ويهني السلطان بالشهر … فهو أول خلفاء بني العباس بمصر، فهذا كان سبب نقل الخلافة من بغداد إلى مصر على يد الملك الظاهر بيبرس، وهذا من جملة فضائله.
وقد ورد في بعض الأخبار أن الخلافة لا تزال في بني العباس حتى نزل عيسى بن مريم ﵇ فتنقطع بعد ذلك، قال بعض الشعراء في حق الملك الظاهر بيبرس:
يا أسد الترك، ويا ركنهم … ويا آخذ الثأر بعد المخافه
كسرت الطغاة، جبرت العفاة … قطعت الفرات، وصلت الخلافة
ثم ان الملك الظاهر - لما استقرت الخلافة بمصر - جعل لكل مذهب من المذاهب قاضيا كبيرا وتحت يده نواب، وكان قبل ذلك في الدول المتقدمة قاض فرد كبير شافعي.
وفكان يولي من تحت يده نوابا من المذاهب الثلاثة. وآخر من كان يفعل ذلك قاضي القضاة تاج الدين ابن بنت الأعز الشافعي، فأبطل ذلك الملك الظاهر بيبرس، وقرر لكل مذهب قاضيا كبيرا ويولي من تحت يده نوابا، فهو أول من قرر القضاة أربعة، وجعل لمصر نوابا وحدها، وللقاهرة نوابا وحدها، وكان ذلك في أواخر سنة ستين وستمائة.
[سنة إحدى وستين وستمائة (١٢٦٣)]
فيها رتب السلطان لعب القبق. وفيها وقع الغلاء بمصر، وشح النيل حتى عدمت الأقوات، فأمر السلطان بجمع الحرافيش كلهم - وكانوا نحو ألفي حرفوش - ففرقهم على الأمراء، وأخذ لنفسه منهم جانبا، وأضاف لولده الملك السعيد منهم جانبا، وأضاف إلى الأمير بيليك نائب السلطنة منهم جانبا، ورسم لكل واحد منهم في كل يوم برطل خبز ونصف رطل لحم، وأمرهم ألا يسألوا بعد ذلك أحدا من الناس.
وفيها كانت وفاة الشيخ شرف الدين عبد العزيز الأنصاري الحموي شيخ الشيوخ بحماة، وكان مولده في سنة ست وثمانين وخمسمائة، ووفاته سنة احدى وستين وستمائة،