الناس بعافيته. فلما طلع إلى القلعة انتكس من يومه وضعف أكثر ما كان أولا، وكثر في القاهرة القيل والقال بين الناس، فأقام على ذلك أياما ثم عوفي وركب وتوجه إلى سرياقوس، ثم أنه رجع إلى القلعة.
وفيها توفي سيدي اسماعيل ابن السلطان حسن، وتوفي الصاحب سعد الدين بن البقري، وتوفى قاضي القضاة جمال الدين القيصري الحنفي، وتوفى قاضي القضاة شمس الدين الطرابلسي الحنفي. وتوفي السيد الشريف الأخلاطي الحنفي، وتوفي الأمير جمال الدين محمود بن علي الظاهري الاستادار كان، وقد تقدم أن السلطان سجنه هو وولده محمد في خزانة شمايل، فاستمر مقيما بها إلى أن مات فغسل وكفن وصلى عليه ودفن في مدرسته التي أنشأها خارج باب زويلة، وقد قاسى من الشدائد ما لا خير فيه، وآخر الأمر ذهب ماله ومات وهو في السجن ولم يوجد له ثمن كفن، حتى ان بعض مماليكه أخرجه من عنده، فكان كما قيل في المعنى:
أف لدنيانا وأفعالها … فانها للهم مخلوقة
همومها لا تنقضي ساعة … عن ملك فيها ولا سوقة
واعجبا منها ومن فعلها … عدوة للناس معشوقة
[سنة ثمانمائة من الهجرة (أولها ٢٤ سبتمبر ١٣٩٧ م)]
وانقضى قرن السبعمائة وقد جرى فيه من الحوادث ما تقدم ذكره. وقد ورد في الأخبار:
"على رأس كل قرن فتنة". .. وهذا حديث صحيح.
فيها رسم السلطان باحضار السيفي المقر تغرى بردى بن يشبغا نائب حلب، فتوجه لاحضاره أخو الأمير بكتمر جلق.
ومن الحوادث فيها أن السلطان تغير خاطره على الأتابكي كشبغا الحموي، وعلى المقر السيفي بكلمش العلائي أمير سلاح، فقيدهما في يوم واحد وأرسلهما إلى السجن بثغر الاسكندرية.
ثم أن السلطان عمل موكبا وخلع على المقر السيفي ابتمش البجاسي واستقر به أتابك العسارك بمصر عوضا عن كمشبغا الحموي، وأنعم على الأمير نوروز الحافظي بتقدمة ألف.
ثم حضر المقر السيفي تغرى بردي بن بشبغا نائب حلب، فلما حضر أنزله السلطان في بيت الأمير طاز الذي عند حمام الفارقاني، ثم عمل بعد أيام الموكب وخلع على جماعة من الأمراء، وهم المقر السيفي تغرى بردي بن يشبغا نائب حلب واستقر به أمير سلاح عوضا عن الأمير بكلمش العلائي، وخلع على الأمير أبغا اللكاش واستقر به أمير مجلس عوضا عن