للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومما أشيع عنه أنه قال: في بعض مجالسه بين أخصائه وهو بالشام: إذا دخلت إلى مصر أحرق بيوتها قاطبة، وألعب في أهلها بالسيف. فقيل تلطف به الخليفة حتى رجع عن ذلك، ولو فعل ذلك ما كان يجد له من مانع بمنعه، ولكن الله سلم والله غالب على أمره.

ولما زاد ضرر العثمانية في القاهرة صارت أعيان الناس والمباشرين يجعلون على أبوابهم جماعة من العثمانية يحفظون بيوتهم من النهب، وصارت العثمانية يمسكون أولاد الناس من الطرقات، ويقولون لهم أنتم جراكسة فيشهدون الناس عندهم أنهم ما هم جراكسة. فيقولون لهم: اشتروا أنفسكم من القتل، فيأخذون منهم بحسب ما يختارونه من المبلغ. وصار أهل مصر تحت أسرهم، ثم صار الزعر وعياق مصر يغمزون العثمانية على حواصل الخوندات والستات فينهبون ما فيها من القماش الفاخر. فانفتحت للعثمانية كنوز الأرض بمصر من نهب قماش وسلاح وخيول وبغال وجوار وعبيد وغير ذلك من كل شيء جليل، وظفروا بأشياء لم يظفروا بها قط في بلادهم، ولم يروها قبل ذلك، ولا أستاذهم الكبير.

ومن هنا نرجع إلى ترجمة سليم شاه ابن عثمان وذلك على سبيل الاختصار من أخباره بحسب ما يتيسر لي من ذلك، على ما مشت عليه طريقة التاريخ من مبتداه إلى هذه الواقعة.

- سليم شاه بن أبي يزيد

هو الملك لتلظفر سليم شاه، بن السلطان أبي يزيد، بن السلطان محمد بن السلطان مراد خان ابن أبي يزيد المعروف بيلدرم بن أرخان بن أردن بن عثمان بن سليمان بن عثمان الكبير، الشهيد بالغزاة بعد أن عاش تسعا وستين سنة.

وسليم شاه هذا هو الشهير بابن عثمان، من خلاصة ملوك الروم، وهو الثامن والأربعون من ملوك الترك وأولادهم بالديار المصرية، وهو الثالث من ملوك الروم بمصر. فإن أول ملوك الروم بمصر الظاهر خشقدم، والثاني الظاهر تمريغا، والثالث سليم خان ابن عثمان.

ملك القاهرة عنوة بقائم سيفه، وقد حصل له سعد عظيم لم يحصل لآبائه ولا لأجداده من قلبه. وقد ساعدته الأقدار على بلوغ الأوطار، فتصدى إلى قتال شاه إسماعيل الصفوي سنة إحدى وعشرين وتسعمائة، فانكسر منه الصفوي، وقتل غالب عسكره، واحتوى على أمواله وسلاحه من غير مانع، وملك غالب بلاده التي بالعراقين.

<<  <  ج: ص:  >  >>