فلما تم أمره في السلطنة عمل الموكب، وقبض على جماعة من الأمراء، منهم الأمير آل ملك نائب السلطنة، فأقام بالقلعة في البرج أياما ثم أفرج عنه وولاه نيابة صفد، فخرج من يومه، فلما وصل إلى العريش أرسل بالقبض عليه وقيده وأرسله إلى السجن بثغر الاسكندرية، ثم عمل الموكب وخلع على الأمير ارقطاي واستقر به نائب السلطنة عوضا عن آل الملك، ثم قبض على الأمير قماري استادار العالية وأرسله إلى السجن بثغر دمياط، ثم أرسل بالقبض على الأمير طقزدمر نائب الشام وسجنه بالكرك. وخلع على الأمير يلبغا اليحياوي واستقر به نائب الشام عوضا عن طقزدمر.
وفي هذه السنة توفى الملك الأشرف كجك أخو السلطان، وكان مقيما بدور الحرم من حين خلع من السلطنة إلى أن مات.
[سنة سبع وأربعين وسبعمائة (١٣٤٦ م)]
فيها طاش الملك الكامل شعبان، وصار يخرج الاقطاعات بمال معلوم، وصار يصادر أرباب الوظائف من المباشرين ويأخذ أموالهم قهرا … فتقلقلت منه الناس.
وفيها جاءت الأخبار بأن يلبغا اليحياوي - نائب الشام - خامر وأظهر العصيان، فجمع السلطان الأمراء وشاورهم في أمر نائب الشام، فوقع الاتفاق على أن السلطان يرسل الأمير منجك اليوسفي لكشف الأخبار، فتوجه الأمير منجك نحو الشام من يومه. ثم أن السلطان عرض العسكر وقصد التوجه إلى الشام بسبب عصيان النائب.
ومن الحوادث في هذه السنة أن السلطان طلب أخويه: الأمير حاجي، والأمير حسينا، فأرسل إليهما الساقي سرور الزيني، فقال لهما:"أمضيا كلما السلطان". فقالا:"نحن اليوم ضعاف وقد شربنا الدراء". فلما رد الجواب على السلطان بذلك أرسل إليهما الأمير الزمام صواب الطولوني، فقال لهما:"أمضيا كلما السلطان والخيرة لكما". فقالا له مثل ما قالا لسرور الزيني. فلما رد الجواب على السلطان بذلك، اشتد غضبه على أخويه، وارسل خلف الأمير استدمر الكاملي والأمير قطلوبغا الكركي، فلما حضرا قال لهما:"إني طلبت أخي حاجى وأخي حسينا فأبيا عن الحضور إلي"، فقال الأمير استدمر الكاملي للأمير ارغون العلائي زوج أم السلطان:"أدخل أنت إليهما وأخرجهما". فدخل الأمير أرغون وأخرجهما غصبا وهما يتباكيان. فلما حضرا بين يدي السلطان قبلا له الأرض وقالا له:"يا مولانا السلطان، لا تؤاخذنا فاننا كنا شربنا دواء". فقال لهما السلطان:"كذبتما … ما أنتما إلا مخامران علي". فأخرج الأمير حاجى ختمه كانت معه وحلف عليها أنه ما امتنع عن الحضور إلا لكونه كان ضعيفا وشرب الدواء، فلم يصدقه السلطان في ذلك، ثم جاءت