أمهاتهما، وحلفن للسلطان، وكشفن رءوسهن له وقلن:"والله ما امتنعا عن الحضور إلا لكونهما شربا الدواء". .. فلم يقبل منهن السلطان ذلك، وقال لهن:"أنتن نساء قليلات العقول"، ثم أمر بإدخال أخويه إلى موضع في الدهيشة، ورسم عليهما السلطان بجماعة من الخدم، فباتا تلك الليلة في الدهيشة، فلما أصبح الصباح طلب السلطان عشرين فص حجر مسقط، وحملى جير وجبس، وقصد أن يدخل أخويه في مكان عقد تحت الدهيشة ويبني عليهما بالحجر، ويجعل ذلك المكان قبرا لهما.
فلما كان يوم الاثنين، ثالث عشرى شهر جمادي الأولى من سنة سبع وأربعين وسبعمائة، دخل بعض الخاصكية على السلطان وقت صلاة الصبح وأخبره بأن الأمير ملكتمر الحجازي قد لبس آلة الحرب هو ومماليكه وتوجهوا إلى قبة الهواء التي تحت القلعة - وكان السلطان قد عول على القبض عليه أيضا - فلما بلغ السلطان ذلك اضطربت أحواله، فأرسل إلى زوج أمه أرغون العلائي وقال له:"ما الخبر؟ ". فقال له:
"إن ملكتمر الحجازي، وأرغون شاه، وجماعة من الأمراء لبسوا آلة الحرب وتوجهوا نحو قبة الهواء".
فلما تحقق السلطان ذلك فتح باب الزردخانة، وفرق منها الملبوس، وأمر بشد الخيول … فلم يجد أحدا عنده من المماليك غير بعض مماليك صغار كتابية، فركب السلطان ووقف على باب السلسلة، ودقت الكئوسات حربيا، ثم مشى إلى الطبلخانات ووقف ينتظر من يطلع إليه من الأمراء والعسكر فلم يطلع إليه أحد، فبقي واقفا ساعة حتى طلعت الشمس، ثم مشى وقصد نحو قبة الهواء - ولم يكن معه من الأمراء سوى الأمير أرغون العلائي زوج أمه، والأمير استدمر الكاملي، والأمير قطلوبغا الكركي، والأمير جوهر السجرني مقدم المماليك، وبعض مماليك صغار تحت الصنجق - فتقدم إلى آخر الصوة فبرز إليه الأمير أرغون شاه، والأمير قرا بغا القاسمي، والأمير آق سنقر
وضربوا عليه يزك، ووقع بينهما القتال، فبرز الأمير يلبغا أروس إلى الأمير أرغون العلائي زوج أم السلطان فضربه بطبر على وجهه فسقط عن فرسه إلى الأرض، فقبضوا عليه وأسروه.
فلما رأى ذلك من كانوا حول السلطان تسحب أكثرهم من حوله ولم يبق معه أحد إلا القليل من المماليك، فزحف عليه الأمراء، فهرب في أربعة مماليك صغار، وتوجه نحو باب السلسلة.
فلما ولى السلطان مهزوما قبضوا على من معه من الأمراء المقدم ذكرهم، فلما توجه إلى نحو باب السلسلة وجده مقفلا، فصار يسأل بعض الأوجاقية في أن يفتح له الباب