للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

- الملك الصالح

هو الملك الصالح نجم الدين أيوب، بن الملك الكامل محمد، بن الملك العادل أبي بكر، بن نجم الدين بن أيوب، وهو السابع من ملوك بني أيوب بمصر، بويع بالسلطنة بعد خلع أخيه الملك العادل أبي بكر في يوم الاثنين خامس عشرى ذي القعدة سنة ست وثلاثين وستمائة، وتولى الملك وله من العمر نحو أربع وثلاثين سنة. وكان مولده في سنة ثلاث وستمائة بمصر في قلعة الجبل. فلما تم أمره في السلطنة وأطاعه الجند أخذ في أسباب تدبير ملكه، واستكثر من مشترى المماليك حتى ضاقت بهم القاهرة، وصاروا يشوشون على الناس وينهبون البضائع من الدكاكين، فضج منهم الناس، وفي ذلك قال بعض الشعراء:

الصالح المرتضى أيوب أكثر من … ترك بدولته … يا شر مجلوب!

قد آخذ الله أيوبا بفعلته … فالناس قد أصبحوا في ضر أيوب

فلما بلغ الملك الصالح ذلك بنى لهم قامة في الروضة بالقرب من المقياس، وأسكنهم بها وسماهم المماليك البحرية. وجعل حول تلك القلعة شواني حربية مشحونة بالسلاح معدة لقتال الفرنج إذا طرقوا البلاد فتكون هذه المماليك على أهبة، فينزلون في الحال في الشواني ويتوجهون إلى قتال الفرنج، وكان عدتهم ألف مملوك قاطنين بالقلعة لا يخالطون الناس بالمدينة، ولهم الرواتب والجوامك عمالة بسبب ذلك. وآثار هذه القلعة باقية في الروضة إلى الآن.

قال الشيخ شمس الدين الذهبي إن طائفة من هذه المماليك خرجوا من القاهرة هاربين من السلطان في سنة اثنتين وأربعين وستمائة، فتوجهوا إلى نحو التيه، فتاهوا به نحو خمسة أيام، فلاح لهم في اليوم السادس سواد فقصده فإذا هو مدينة عظيمة ولها سور ولها أبواب وهي مبنية بالرخام الأخضر، فدخلوا إليها وطافوا بها، فوجدوا بها أسواقا ودورا، ووجدوا فيها صهاريج فيها ماء أحلى من العسل وأبرد من الثلج - فشربوا منه، ووجدوا في بعض الدكاكين التي في أسواقها دنانير من الذهب وعليها كتابة بالقلم القديم، فأخذوا تلك الدنانير وخرجوا من المدينة فساروا ليلة كاملة، فلما أصبحوا وجدوا طائفة من العرب هناك فحملوهم إلى مدينة الكرك فأخرجوا تلك الدنانير التي معهم إلى بعض الصيارفة فإذا عليها مكتوب اسم موسى . وقيل إن هذه المدينة بنيت في زمن موسى وكان

<<  <  ج: ص:  >  >>