للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

- الملك الظاهر أبو سعيد قانصوه

هو الملك الظاهر أبو سعيد قانصوه ابن قانصوه الأشرفي، وهو الثالث والأربعون من ملوك الترك وأولادهم بالديار المصرية، وهو السابع عشر من ملوك الجراكسة وأولادهم في العدد. وكان أصله جركسي الجنس، اشتراه الأمين قانصوه الألفي مع جملة مماليك وقدمهم للسلطان الأشرف قايتباي في سنة ثمان وتسعين وثمانمائة، فأنزل بالطبقة مع جملة المماليك الكتابية، فأقام بها مدة يسيرة، ثم ظهر أنه أخو سرية السلطان أصل باي الجركسية، أم ولده محمد الذي تسلطن … فأخرج له السلطان خيلا وقماشا وصار من جملة المماليك الجمدارية، فأقام على ذلك حتى توفي الأشرف قايتباي، وتسلطن ولده الناصر محمد، فجعله خازندارا كبيرا، وبقي يسمى خال السلطان. فلما وثب قانصوه خمسمائة على الملك الناصر كما تقدم، لم يكن عنده بالقلعة إلا خاله قانصوه هذا وجماعة كثيرة من المماليك الجلبان، فقام قانصوه بنصرته هو والمماليك الجلبان، وقاتلوا قتال الموت بعدما أرسل قانصوه خمسمائة بإدخال الناصر إلى قاعة البحرة وتقييده، فلما انتصر الناصر على قانصوه خمسمائة، خلع على خاله قانصوه، وقرره أمير طبلخانات وشاد الشراب خاناه دفعة واحدة، فعظم أمره وشاع بين الناس ذكره.

ولما ركب أقبردي الدوادار وانكسر، وتوجه إلى البلاد الشامية، خلع السلطان على خاله وقرره في الدوادارية الكبرى عوضا عن أقبردى. ثم قرره في الوزارة والاستادارية فعظم أمره جدا. فلما قتل الناصر وقع الاضطراب بين الأمراء فيمن يتسلطن بعد الناصر.

فاجتمع الأمراء بدار الظاهر تمربغا، وحضر الأتابكي أزبك وبقية الأمراء، وأشيع في ذلك اليوم أن قانصوه خمسمائة في قيد الحياة، فنودي له بالأمان وأن يظهر فلم يكن لهذا الكلام تأثير، وبطلت هذه الإشاعات. ثم قالوا للأتابكي أزبك تتولى السلطنة أنت، فحلف بالطلاق ثلاثا من بنت الظاهر بأنه ما يتسلطن، وأن يعود إلى مكة المشرفة كما كان. ثم صعدوا إلى باب السلسلة وحضر قانصوه خال السلطان الناصر من بيته المشهور، وصعدوا إلى باب السلسلة، ووقع الاتفاق على سلطنته. وكان القائم في ذلك طومان باي الدوادار الثاني، فأرسل خلف أمير المؤمنين المستمسك بالله يعقوب، والقضاة الأربعة. وهم زين الدين زكريا الشافعي، والبرهان بن الكركي الحنفي، وعبد الغني بن تقي المالكي، والشهاب الششيني الحنبلي، فبايعه الخليفة بالسلطنة وشهد عليه القضاة الأربعة بذلك. وتلقب "بالملك الظاهر أبي سعيد" وذلك في يوم الجمعة سابع عشر ربيع الأول من سنة أربع وتسعمائة.

وذلك في أثناء الساعة الرابعة وهي لزحل، فأحضر شعار الملك وهو الجبة والعمامة

<<  <  ج: ص:  >  >>