للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الأسعد بن مماتي: ثم اني ذكرت هذه الواقعة لبعض أصحابي، فقال لي: أحمد الله إذ أنشدته ذلك من لفظك ولم تكتبها له … فربما تصحفت عليه في اللفظ فيقرؤها" من هيئة " الفاضل عبد الرحيم … فيزداد حنقا من ذلك.

واستمر الملك المنصور في السلطنة مدة يسيرة، وتقلبت عليه أعمامه من أجل السلطنة، وجرى بينهم من الحروب ما يطول شرحه عن هذا المختصر.

وآخر الأمر خلع الملك المنصور من السلطنة، وسجن بقلعة الجبل واستمر مسجونا إلى أن مات في السجن، فكانت مدة سلطنته بمصر تسعة أشهر وأياما.

ولما خلع الملك المنصور تولى من بعده عم أبيه الأمير أبو بكر بن أيوب.

- الملك العادل

هو الملك العادل سيف الدين أبو بكر، بن الأمير نجم الدين أيوب بن شادي، وهو الرابع من ملوك بني أيوب بمصر. بويع بالسلطنة بعد خلع ابن ابن أخيه المنصور محمد في شوال سنة خمس وتسعين وخمسمائة. وكان العادل هذا في أيام أخيه الناصر صلاح الدين يوسف قد استولى على عدة من بلاد الشرق. وكان العادل هذا مسعودا في جميع حركاته، يحب الغزو في سبيل الله، خفيف الركائب، صبورا على الجهاد، وكان مولده بمدينة بعلبك في سنة أربع وستين وخمسمائة، وكان أصغر من أخيه صلاح الدين يوسف.

فلما تولى السلطنة بمصر مشى على نظام الملوك القديمة في الحرمة الوافرة ونفاذ الكلمة.

قيل أنه كان يشتي بمصر ويصيف بالشام، وكانت مملكة مصر والشام في أيامه مضبوطة لا يختل شيء من نظامها. واستمر الأمر على ذلك

[سنة سبع وتسعين وخمسمائة (١٢٠٠ م)]

فيها توقف النيل عن الزيادة قبل الوفاء، وثبت على اثنى عشر ذراعا وإصبع واحد، ثم هبط ولم يزد بعد ذلك شيئا من الأصابع فاضطربت أحوال الديار المصرية، وأكلت الناس بعضها بعضا. واستمر النيل على ذلك ثلاث سنين متوالية، ولم يزد غير عشرة أذرع ثم يهبط، فوقع القحط بالديار المصرية وعدمت الأقوات في سائر أعمال مصر، فصار الناس من شدة الجوع يأكلون القطط والكلاب والحمير والبغال والخيل والجمال حتى ما بقي بمصر دابة، فصار الناس إذا قوى أحدهم على صاحبه يذبحه بيده ويأكله، وصار الرجل يذبح ابن جاره ويأكله، ولا ينكر ذلك عليه، ويذبح ولده بيده ويأكله من شدة الجوع

<<  <  ج: ص:  >  >>