للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المزاور يدخل في كل يوم ويخرج على جاري العادى، والمراسيم في كل يوم رائحة من المنصورة إلى القاهرة في الاشتغال، ولم يعلم أحد بموت الصالح في القاهرة … وكان القائم بتدبير هذه الأمور الأمير حسام الدين لاجين، والأمير فارس الدين اقطاى في هذه المدة، حتى حضر توران شاه ابن الملك الصالح.

وكان توران شاه في حصن كيفا، فلما سلسل الملك الصالح في المرض أرسلوا خلف ابنه توران شاه من حصن كيفا، فأبطأ عليهم حتى مات أبوه. فلما حضر إلى المنصورة - وقد جاء في عسكر عظيم من الأكراد من عساكر حصن كيفا - أشيع موت الملك الصالح، وتسلطن ابنه توران شاه عوضه.

- الملك المعظم توران شاه

هو الملك المعظم توران شاه، بن الملك الصالح نجم الدين أيوب، بن الملك الكامل محمد، وهو الثامن من ملوك بني أيوب بمصر، بويع بالسلطنة بعد موت أبيه الملك الصالح نجم الدين أيوب في مستهل شهر المحرم الحرام (١) سنة ثمان وأربعين وستمائة، وكانت ولايته بعد موت أبيه بأربعة أشهر. فلما تولى نودى باسمه في القاهرة وزينت له ودقت له الكئوسات سبعة أيام، وتلقب بالملك المعظم، ونودى بين العساكر في الوطاق بالدعاء للسلطان الملك المعظم توران شاه والترحم على الملك الصالح نجم الدين أيوب، فلبس توران شاه خلعة السلطنة بالمنصورة، وقبل له الأمراء الأرض، وخطب باسمه على المنابر.

فلما تحقق الافرنج موت الملك الصالح طمعوا في أخذ مصر وزحفوا إلى فارسكور، فاجتمع سائر الأمراء وتحالفوا على الجهاد في سبيل الله تعالى.

فلما كان يوم الجمعة ثاني عشر المحرم سنة ثمان وأربعين وستمائة (١٢٥٠ م) ركب الأمير بيبرس البندقداري والأمير لاجين وغيرهما من الأمراء، وخرج معهم السواد الأعظم من العوام والفلاحين وغير ذلك وفي أيديهم المقاليع والحجارة، وهجم المماليك البحرية وفي أيديهم السيوف والدبابيس والرماح، ومنهم طائفة يرمون بالنشاب، فحملوا على الافرنج حملة واحدة … فكانت ساعة تشيب منها النواصي، وقد تاب من هول ذلك اليوم العاصي، فانكسر الافرنج أبخس كسرة، وولوا مدبرين، والله تعالى ناصر الناصرين، وما النصر إلا من عند الله العزيز الحكيم.


(١) في "حسن المحاضرة": إن توران شاه ملك مصر في ذي القعدة سنة ٦٤٧، وقتل في يوم الاثنين سابع عشر المحرم سنة ٦٤٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>