ونهب أموالهم. وكانت طائفة هذه الافرنج غير الطائفة التي جاءت في أيام الملك الكامل محمد كما تقدم ذكر ذلك.
فلما تحقق الملك الصالح ذلك أمر باشهار انتداء في مصر والقاهرة بأن النفير عام، ولا يتأخر صغير ولا كبير، فان العدو قد استولى على البلاد، ووصلت بوادره للمنصورة
فاضطربت أحوال الديار المصرية، وماجت بأهلها.
ثم أن الملك الافرنج ريدا فرنسيس لما أحاط بغثر دمياط أرسل كتابا إلى نائب دمياط يهدده فيه ويحذره، وذكر له ما جرى على أهل الأندلس من القتل والسبى. فلما سمع أهل دمياط بذلك هربوا تحت الليل. فلما أصبح الافرنج وجدوا أبواب المدينة مفتحة وليس فيها أحد من الناس، فظن الافرنج أن ذلك مكيدة من المسلمين، فتمهلوا حتى ظهر لهم أن ما في المدينة أحد من المسلمين، فدخلوا من غير مانع وملكوها.
فلما سمع الملك الصالح بذلك نادى في مصر والقاهرة بالرحيل، فخرج الناس قاطبة وسائر الأمراء، وخرج الملك الصالح في محفة، فانه كان مريضا على غير استواء. فلما وصل إلى نحو المنصورة نزل بها، وأمر بجمع العربان من سائر النواحي، فاجتمع من العالم ما لا يحصى.
ثم ان الملك الصالح أحضر نائب دمياط وشنقه وشنق معه نحو خمسين أميرا بسبب خروجهم من دمياط بغير اذن من السلطان، فعز ذلك على الأمراء وقصدوا أن يقتلوا الملك الصالح هناك فأشار بعض الامراء بعدم ذلك، وقال هذا غير صواب … فصار القتال بين المسلمين والافرنج: كل فرقة تقتل من الأخرى، وأسر جماعة كثيرة. هذا والسلطان كل يوم يتزايد في المرض حتى أيست منه الأطباء.
فلما كانت ليلة الأحد رابع عشر شعبان سنة سبع وأربعين وستمائة (١٢٤٩ م) توفي الملك الصالح نجم الدين أيوب بن الملك الكامل محمد.
فلما مات الملك الصالح بالمنصورة كتم موته خوفا من الافرنج أن يطمعوا في أخذ البلاد من أيدي المسلمين، فحمل السلطان بعد أن مات في زورق تحت الليل وجاء به إلى قلعة الروضة فدفن بها. وقيل نقل بعد ذلك إلى مقام الإمام الشافعي ﵁ ودفن عند أقاربه داخل القبة، فكانت مدة سلطنته بالديار المصرية والبلاد الشامية نحو تسع سنين وسبعة أشهر وأحد عشر يوما.
ولم يشعر أحد من الناس بموته، فكانت المراسيم تخرج كل يوم بعلامة السلطان فلا يشك من يراها أنها بخط السلطان الصالح، وكانت الأمراء تجتمع في الموكب ويظهرون أن السلطان مريض، وكانت الأطباء تدخل على جارى العادة في كل يوم، وكان طبق