للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ابنك نصرا يعرف أين هو؟ ". ثم ان الوزير عباسا دخل إلى دور الحرم وأخرج الأمير عيسى بن الظافر، واحضر القضاة وأرباب الدولة وقال:" إن أمير المؤمنين الظافر نزل البارحة في مركب فانقلبت به فغرق ومات. والرأي عندي أننا نولي الأمير عيسى الخلافة عوضا عن أبيه الظافر، ونلقبه بالفائز بنصر الله ". وتراضوا على ذلك. ثم بعد ذلك شاع بين الناس أن الوزير عباسا قد قتل الظافر، فانقلبت الجند على الوزير عباس بسبب ذلك.

وكانت قتلة الظافر في ليلة الأحد ثاني صفر سنة تسع وأربعين وخمسمائة من الهجرة، وكانت مدة خلافته أربع سنين وسبعة أشهر وأياما.

والظافر هذا هو الذي بنى الجامع المعروف الآن بجامع الفاكهاني، وهو بالقرب من الشوايين.

- الفائز بنصر الله

هو الفائز بنصر الله، أبو القاسم عيسى، بن الظافر، بن الحافظ، بن المستنصر، وهو العاشر من خلفاء بني عبيد الله الفاطمي، بويع بالخلافة بعد قتل أبيه الظافر بالله، وكان سبب بيعته أن الوزير عباسا لما قتل الظافر طلع إلى القصر وأحضر القضاة والشهود وقال لهم إن الظافر نزل البارحة في مركب فانقلبت به فغرق، ثم هجم الوزير على ابن الظافر وهو في دور الحرم وأخذه من عند أمه وحمله على كتفه ففزع منه واضطرب - وكان له من العمر ست سنين - فأحضره بين القضاة وولاء الخلافة، واستمرت معه الطربة عمالة حتى كبر ومات بعد مدة وهو مضطرب في كل وقت.

فلما تم أمره في الخلافة وأطاعه الجند، صار يخشى من الوزير عباس ولا يقر له قرار، فاستعان على قتله بشخص يسمى طلائع بن رزيك - وكان متوليا على منية ابن خصيب - فجمع عسكرا عظيما من العربان وقصد التوجه إلى القاهرة، فلما بلغ الوزير عباسا ذلك أخذ ما قدر عليه من الأموال والتحف وهرب نحو البلاد هو وولده نصر، فكان كما قيل:

حكى غراب البين في شؤمه … لكن إذا جئنا إلى الحق زاغ

فبينما هو في أثناء الطريق إذ خرجت عليه طائفة من الفرنج فأسروه، وأخذوا ما كان معه من الأموال والتحف، فلما جاءت الأخبار بذلك إلى القاهرة احتاط الفائز على موجود الوزير عباس جميعه، وولي الوزارة طلائع بن رزيك عوضا عن عباس، فخلع عليه وتلقب بالصالح بالله، فأطاعه الجند وأحبوه، وكانت له حرمة وافرة في القاهرة. وهو الذي

<<  <  ج: ص:  >  >>