للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

- المستعلي بالله

هو المستعلي بالله أحمد، بن المستنصر بالله، ابن الظاهر، بن الحاكم، وهو السادس من خلفاء بني عبيد الله الفاطمي، بويع بالخلافة بعد موت أبيه المستنصر بالله في ثاني عشر ذي الحجة سنة سبع وثمانين وأربعمائة.

ومن الحوادث في أيامه أن الفرنج استولوا على بيت المقدس وملكوه، وقتلوا جماعة كثيرة من المسلمين وأسروا من الباقي نحو ألف انسان، وذلك في سنة إحدى وتسعين وأربعمائة، وأخذوا من قبة الصخرة أربعين قنديلا من الذهب والفضة، وزن كل قنديل ألف درهم من الفضة، وأخذوا التنور النحاس الكبير، وأقاموا مالكين بيت المقدس نحو ثلاث سنين.

وفي أيام المستعلي كسفت الشمس، وغاب جميعها، وأظلمت الدنيا حتى ظهرت النجوم وقت الظهر، وأقامت على ذلك إلى آخر النهار حتى انجلت.

واستمر المستعلي في الخلافة بمصر إلى أن مرض ومات فكانت وفاته في يوم الثلاثاء تاسع سفر سنة خمس وتسعين وأربعمائة، وكانت مدة خلافته بمصر سبع سنين وشهرين.

ولما مات تولى من بعده ابنه الآمر بأحكام الله.

- الآمر بأحكام الله

هو الآمر بأحكام الله، أبو علي المنصور، بن المستعلي بالله أحمد، وهو السابع من خلفاء بني عبيد الله الفاطمي، بويع بالخلافة بعد موت أبيه المستعلي بالله في تاسع صفر سنة خمس وتسعين وأربعمائة. ولما أن تولى الخلافة بمصر طاش وسار في الناس أقبح سيرة، وصار يتجاهر بالمنكرات، واشتغل باللهو والطرب وشرب الخمر، فاضطربت أحوال الديار المصرية في أيامه، وجاءت الأخبار بأن الفرنج استولوا على مدينة عكا وطرابلس ونابلس وغير ذلك من أعمال البلاد الشامية، وأشرفوا على أخذ الديار المصرية ووصلوا إلى العريش، وكان ملك الفرنج يسمى بردويل (١)، فلما وصل إلى العريش مرض هناك مرضا شديدا ومات، فكتم أصحابه موته خوفا من المسلمين، وشقوا بطنه ورموا مصارينه، ثم دفنوها بالعريش، وقد صار الناس إلى الآن كلما مروا بالعريش رجموا ذلك المكان الذي دفنت فيه مصارين بردويل - ويسمى إلى اليوم سبخة بردويل - وأما جثته فحملت إلى القمامة التي ببيت المقدس ودفنت هناك.


(١) - هو" بلدوين ".

<<  <  ج: ص:  >  >>