للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الدّولة الإخشيديّة

قال الكندي: إن أول من تولى بمدينة فرغانة يسمى الإخشيدي، فكان أول من تولى منهم أحمد بن كيغلغ، ومحمد بن طغج، وأبو القاسم علي، وأبو بكر بن محمد بن طغج، وخادمهم كافور. وأما أحمد بن كيغلغ ومحمد بن طغج فتوليا على مصر كل واحد منهما مرتين، ولم تطل أيامهما بها.

* وأما أبو القاسم علي فانه تولى على مصر في سنة خمس وثلاثين وثلثمائة، وفي أيامه وقع الغلاء بمصر واستمر تسع سنين متوالية، وسبب ذلك أن النيل كان ينتهي في زيادته إلى خمسة عشر ذراعا وأربعة عشر أصبعا، واستمر في كل سنة يزيد هذه الزيادة الخسيسة إلى سنة تسع واربعين وثلثمائة، فوقع الغلاء بسبب ذلك في هذه السنين.

* ثم توفي عقيب ذلك الأمير أبو القاسم علي الإخشيدي، وتولى الأمير أبو بكر بن محمد ابن طغج على مصر مدة طويلة نحو عشرين سنة. وفي أيامه استقامت أحوال الديار المصرية، وانصلحت أحوال الناس، واستكثر من العساكر ورتب لهم الرواتب والجوامك في كل شهر، فبلغت عدة عساكره بمصر والشام نحو أربعمائة ألف فارس، وبلغ خراج مصر في أيامه ألفي ألف دينار، قيل إن الوزير عمل لأولاده في ليلة الغطاس فوانيس شمع مزهر، فكان مصروف ذلك مائة وعشرين ألف دينار.

واستمر الأمير أبو بكر في ولايته على مصر حتى توفي في سنة خمس وخمسين وثلثمائة ودفن بمصر، فكانت مدة ولايته بها نحو عشرين سنة. ولما مات الأمير أبو بكر رثاه الشاعر الماهر أبو الطيب المتنبي بهذه الأبيات:

هو الزمان مشت بالذي جمعا … في كل يوم ترى من صرفه بدعا

لو كان ممتنع تغنيه منعته … لم يصنع الدهر بالإخشيد ما صنعا

ذاق الحمام فلم تدفع عساكره … عنه القضاء ولا أغناه ما جمعا

<<  <  ج: ص:  >  >>